للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو صلاة الفجر، هذا أيضاً مما يدخل في الأدلة العامة التي ذكرها السائل آنفاً، فهل يشرع؟

الجواب: لا يشرع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل ذلك، ولا أصحابه، وإنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة لا يزيد على أن يشير بإصبعه عليه السلام، أما الجالسون فما كانوا يرفعون أيديهم إلا فيما إذا خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبة استسقاء ودعا يطلب فيها السقيا من الله عز وجل، فهو يرفع يديه والحالة هذه، وكذلك الذين هم يسمعون خطبته، كما جاء في صحيح البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم جمعة حينما دخل رجل من باب من أبواب المسجد، فقال: «يا رسول الله! هلكت الأموال والعيال من قلة الأمطار، فادع الله لنا، فرفع عليه الصلاة والسلام يديه حتى بان إبطاه» مبالغة منه في رفع اليدين، وقال: «اللهم! اسقنا اللهم! اسقنا، وأمن الناس ورفعوا أيديهم».

فعل هذا عليه الصلاة السلام في هذا الأمر العارض، ومن هذا الحديث ذهب بعض العلماء إلى جواز الاستسقاء بالدعاء فقط دون الصلاة، أما في سائر الخطب خطب الجمعة، فما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه، ولذلك ورد في صحيح مسلم أن أحد الصحابة أظن اسمه ابن رؤيبة لما رأى أحد الولاة الأمويين يرفع يديه في الخطبة، قال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب وما يزيد على الإشارة بإصبعه.

إذاً: عمل من النبي - صلى الله عليه وسلم - جرى على خلاف جزء من أجزاء النص العام لا يجوز الاستدلال على شرعية هذا الجزء بالنص العام، فنحن الآن تحدثنا عن مثالين: أحدهما رفع اليدين في يوم الجمعة، والآخر رفع اليدين من الإمام والمقتدين بعد الفراغ من الصلاة، صلاة العصر وصلاة الفجر بصورة خاصة.

لكني أريد أن أقدم إليكم مثالاً لعله ينبه شعوركم واهتمامكم بهذه القاعدة أكثر من المثلين السابقين؛ لأن من طبيعة الناس أنهم إذا اعتادوا على شيء تساهلوا به وتسامحوا، أما إذا فوجئوا بمثال جديد، فيستنكرونه، مع أن الحكم واحد بالمثال

<<  <  ج: ص:  >  >>