للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف

والحقيقة أن هذه البدعة التي هي هذه المسألة، أن هذه البدع الكثيرة التي عمت البلاد الإسلامية على اختلاف أشكالها وأجناسها، إنما أصلها الاستدلال بالعمومات التي لم يجر عليها العمل، ولذلك فقد أحسن الإمام الشاطبي أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام حينما قسم البدعة إلى قسمين:

القسم الأول: سماها بالبدعة الحقيقية، ولسنا الآن في صددها.

والقسم الثاني: هي البدعة الإضافية، ونحن في موضوعها الآن.

يقول الإمام الشاطبي: البدعة الإضافية هي التي إذا نظرت إليها من جانب وجدتها مشروعة، وإذا نظرت إليها من جانب آخر وجدتها غير مشروعة، ويضرب على ذلك بعض الأمثلة المهمة سبق مني أن ذكرتها آنفاً، ومنه استفدتها، وهي ما يسمى في بعض البلاد بختم الصلاة، ختم الصلاة في السنة كما جاء في الحديث الصحيح: «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم» هذا هو ختم الصلاة، أما عند أهل البدعة ما ختمت الصلاة بهذا السلام، بل لا بد من أن يلقن الإمام أو المبلغ من خلفه: سبحوا، احمدوا، كبروا، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] ثلاثاً .. ما يبدءون بشيء حتى يبدأ الإمام، ثم يرفع يديه ويدعو، ويؤمنون على دعاءه، وبذلك تختم الصلاة.

هذه الهيئة ذكرها الإمام الشاطبي في جملة أمثلة للبدعة الإضافية، من أين هنا يصح أن يقال أنها من جهة مشروعة؛ لأنها دعاء، ولأن رفع اليدين كما جاء من السؤال في الحديث الصحيح: «إن الله لا يستحيي أن يرد يدي عبده خائبتين» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فإذاً: هذه الهيئة أو هذا الختم باعتبار أنها داخلة في عمومات، فهي مشروعة، لكن باعتبار أن هذه الصورة لم تكن في عهد الرسول عليه السلام، فهي بدعة إضافية وهو يقرر ببيان ناصع وجميل جداً أن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وأصغر بدعة هي ضلالة، وإن كانت البدع غير متساوية الأقدام في الضلالات،

<<  <  ج: ص:  >  >>