على هذا إن كانت هذه المادة النجسة التي تصنع منها الألبان، قد تحولت بسبب التفاعل الكيماوي إلى عيون أخرى، بحيث لو فحص، لكان جواب الفاحص هذا ليس هو ذاك الدهن أو تلك المادة النجسة، أما إذا افترضنا أن هذه المادة لا تزال محتفظة بشخصيتها وعينيتها وهي النجاسة والحرمة، فحينئذٍ ينظر إلى المسألة على التفصيل الآتي:
إن كانت هذه النجاسة التي احتفظت بشخصيتها، وعينيتها في ذاك المركب الذي هو الحليب مثلاً أو دواء، فحينئذٍ ننظر إلى نسبة هذه النجاسة مع الحليب، أو أي سائل آخر كالدواء، فإن كانت هذه النجاسة تغلبت على طهارة الذي دخل فيه، أو دخلت فيه هذه النجاسة، فقد تنجس كل ذلك، وإن بقي الممزوج به محتفظاً بشخصيته الحليب طعمه معروف، الدواء المركب من أجزاء كثيرة وكثيرة جداً أيضاً معروف.
فإذا تحول بسبب هذه المخالطة إلى عينية أخرى، الممزوج به هو الحليب والدواء فهو نجس، وإلا فهو طاهر وإن كان فيه نجاسة؛ لأن الحكم الشرعي المقطوع به، أنه ليس كل سائل وقع فيه نجاسة تنجس وحرم استعماله، ومن الأمثلة الواقعية الحساسة في الموضوع، تنكة زيت، تقع فيها فأرة، أو سمن في صيف سائل يقع فيه فأر، هل يجوز أولاً بيع هذا الزيت، أو ذاك السمن، ثم هل يجوز أكله واستعماله؟
الجواب: على التفصيل السابق، إن كانت هذه النجاسة والتي هي هنا الفأرة، غيرت من شخصية الزيت أو السمن الذي وقعت فيه وذلك بأن يتغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم، أو اللون، أو الريح، فتغير أحد هذه الأوصاف الثلاثة، يعني أن هذا السائل الذي هو الزيت أو السمن قد خرج عن حقيقته الأصيلة، وخالطته النجاسة بحيث تغلبت عليه وجعلته سائلاً آخر، وحين ذاك يكون نجساً، لا يجوز بيعه، ولا أكله، ولا استعماله بأي طريقة من الطرق لأنه نجس ويجب إرقاته، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم،