للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأذان أبي محذورة وتعليم الرسول عليه السلام؛ نظراً لأن صوته كان ندياً، فنداوة صوت مؤذنكم ذَكَّرني بهذا الحديث هذا الذي أعجبني منه، لكن ما أعجبني منه: أنه كان مُقَلِّداً لأذان بعض المؤذنين في المدينة المنورة، وهو ليس أذاناً شرعياً؛ لما فيه من المد والمطمطة والتنغيم في غير المكان المعهود في لغة العرب لغة الشرع.

فهذا الصعود والهبوط والنزول في الصوت، هذا تقليد لنغمات المغنين في أغانيهم، ولا جرم أنه كان من المتوارث عند السلف الصالح، إنكار محدثات الأمور بعامة، وإنكار التلحين في الأذان بصورة خاصة.

وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلاً جاء إليه فقال له: إني أُحِبُّك في الله قال: «أما أنا فأُبْغِضُك في الله» قال: كيف؟ قال: «لأنك تُلَحِّن في أذانك، وتأخذ عليه أجرًا».

ولذلك: المؤذن كل مؤذن يبتغي بأذانه وجه الله، ويطمع أن يكون عند قول نبينا - صلى الله عليه وسلم - «المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة» فكي يصل المؤذن إلى هذه المنزلة وإلى هذه المرتبة، أن يكون من أطول الناس عنقاً يوم القيامة، يشترط فيه أن يكون قد تَحَقَّق فيه خصلتين اثنتين.

الخصلة الأولى: أن يكون أذانه لله؛ ولذلك جاء من وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لعثمان بن أبي العاص الثقفي الذي أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قبيلته بني ثقيف قال له عليه السلام: «أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مُؤَذِّناً لا يأخذ على أذانه أجرا».

فأول خصلة يجب أن يتخلق بها المؤذن الذي يبتغي الأجر عند الله عز وجل ومن ذلك ما ذكرت آنفاً، أول شرط في ذلك أن يكون أذانه لله.

والشرط الثاني: أن يكون أذانه على السنة: السنة ليس في الأذان تطريب، وليس في الأذان تلحين، وإنما يكون على سجيته وعلى طبيعته.

نعم يُسْتَثْنَى من هذا الذي قلته، أن يتعمد رفع الصوت ما استطاع إلى ذلك سبيلا؛ لأنه قد جاء في الأحاديث الصحيحة أن المؤذن يَشْهَد له كُلَّ من سمع صوته

<<  <  ج: ص:  >  >>