من إنس أو جن، ولذلك يُخْتَار المؤذن الذي يكون صوته أعلى من غيره، وهذا أُخِذَ من قصة أصل شرعية الأذان.
ومعلوم لدى الحاضرين إن شاء الله: أن الأذان لم يُشْرَع هكذا مباشرة، فقد كانوا بعد أن شُرِعَت لهم الصلاة يتنادون، ينادي بعضُهم بعضا كما يقع لبعض الناس اليوم، وهذا غير مشروع، يلا الصلاة الصلاة، صلوا، هاه، كانوا هكذا ينادي بعضهم بعضا، فاجتمعوا ليختاروا سبيلا يتفقون عليه ليعلنوا عن حضور الصلاة، فاختلفوا في ذلك، منهم من يقترح أن يُعْلَن عن وقت الصلاة بإيقاد نار عظيمة، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام أخبرهم أن هذا شعار عُبَّاد النار، وآخر اقترح أن يُضْرَب على البوق، فقال هذا شعار اليهود، وثالث اقترح أن يكون الإعلان بالضرب بالناقوس فقال عليه السلام هذا شعار النصارى، وانفضوا على لا شيء.
وتلك الليلة رأى بعضهم: أنه بينما هو يمشي في طريق من طُرُق المدينة، إذ لقيَ رجلاً بيده ناقوس قال له أتبيعني هذا؟ قال: لِمَا؟ قال: لنضرب عليه للصلاة قال: أفلا أَدُلُّك على ما هو خير من ذلك؟ وكان هناك جِذْم جدر، أي جدار منهدم بقي منه بقية مرتفعة من الأرض، وهذا أمر مشاهد دائماً وأبداً لأن الجدار مهما كان قوياً أو رخياً لا ينهدم من أصله بحيث يصبح مع الأرض سوياً، وإنما يبقى منه بقية مستعلية على الأرض، فقام هذا الشخص الذي رآه الصحابي في المنام، قام عليه واستقبل القبلة وأَذَّن الأذان المعهود اليوم، ثم نزل عن هذا الجذم وأقام الصلاة.
فلما أصبح الرجل قَصَّ القِصَّة على النبي عليه الصلاة والسلام فقال:«إنها رؤيا حق» والشاهد تمام قوله عليه السلام: «فألقه على بلال، فإنه أندى صوتاً منك» ومن ذاك اليوم صار المؤذن هو بلال الذي لم يَرَ تلك الرؤيا؛ لأن صوته كان ندياً كان شجياً؛ ولذلك هذا أمر مستحب في المؤذن، ولكن لا ينبغي أن يَتَتبع في أذانه القواعد الموسيقية التي يقيم عليها المغنون أغانيهم.
لهذا: ننصح مؤذننا الليلة أن يكون كما نظن، أولاً: مخلصاً في أذانه لله تبارك وتعالى، لا يبتغي من وراء ذلك جزاءً ولا شكورا، وثانيا: نرجو أن لا يَتَتَبَّع تقاليد