خير من النوم الصلاة خير من النوم» ولا يوجد لهذين الحديثين ما يعارضهما مطلقًا.
وإذ الأمر كذلك فالنظر الصحيح السليم يؤيد ما جاء في هذين الحديثين الثابتين، وحديث أبي محذورة أخرجه جمع من أئمة السنة وعلى رأسهم الإمام ابن خزيمة في صحيحه. أقول: إن النظر الصحيح السليم يؤيد أن هذه الجملة الزائدة على الأذان ألا وهي: «الصلاة خير من النوم» إنما تليق بالأذان الأول وليس بالأذان الآخر للفجر، ذلك لأن المفروض من هذه الجملة إيقاظ النائم وليس تنبيه المستيقظ ففي الأذان الأول يكون عادةً الناس أو أغلبهم نائمين من أجل ذلك جاء في صحيح البخاري وغيره قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغرنكم أذان بلال فإنما يؤذن بليل ليتسحر المتسحر وليصلي القائم» -أو كما قال عليه الصلاة والسلام - «لا يغرنكم أذان بلال
فإنما يؤذن بليل» أي: قبل أذان الفجر، فبلال الذي كان يؤذن في غالب حياته في الفجر الأذان الأول ففي هذا الأذان يقتضي النظر أن يقول المؤذن فيه «الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم» وجاء في بعض روايات هذا الحديث الصحيحة قوله عليه السلام لمن سمع أذان بلال: «فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» يقول الرواي: وكان ابن ام مكتوم لا يؤذن حتى يقال له: «أصبحت أصبحت» أي دخلت في الفجر فأذِّن لأنه كان رجل أعمى، ففي هذا الأذان لا معنى أن يقال «الصلاة خير من النوم» لأن الناس صاروا أيقاظًا ولم يبقوا نياماً.
يشبه هذا تمامًا زيادة أخرى جاء ذكرها في بعض الأحاديث الصحيحة ألا وهي جملة «الصلاة في الرحال، الصلاة في الرحال» تشرع هذه الزيادة أن يقولها المؤذن في أذانه يوم تهطل الأمطار، فرخص الشارع الحكيم أن يظل المدعوون بقول المؤذن «حي على الصلاة حي على الفلاح» إلى الصلاة في المساجد رخص لهم الشارع الحكيم أن يظلوا في بيوتهم وفي رحالهم يصلون هناك لعذر المطر، كما رخص لهم بالجمع إذا كانوا في المسجد وهطلت الأمطار. فهل من معنى أن يقول المؤذن في مثل هذه الأيام بديل «حي على الصلاة حي على الفلاح» أو تابعًا لهاتين الجملتين، هل من المعقول أن يزيد في الأذان فيقول «الصلاة في الرحال الصلاة في الرحال» لا