للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى لهذا لأن هذه الجملة إنما شرعت في الترخيص للكائنين في دورهم وفي بيوتهم أن يصلوا فيها لأن الأمطار قد هطلت بغزارة.

كذلك تمامًا لا يشرع للمؤذن أن يقول في الأذان الثاني من أذان الفجر «الصلاة خير من النوم» من النائم؟ المفروض أن المجتمع الإسلامي حينما يكون سائرًا على النهج الإسلامي الصحيح فلا يوجد حين ذاك نائم إلا إن كان مريضًا أو ما شابه ذلك من الأعذار التي تسوغ للمسلم أن لا يستجيب لقول المؤذن: «حي على الصلاة حي على الصلاة» في الأذان الأول، فإذا ما دخل الأذان الثاني كان المنادون بالأذان الأول قد استيقظوا وانصرفوا إلى المسجد، وبخاصة أن السنة في صلاة الفجر التبكير بل التغليس بها، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُغلّسُ في صلاة الفجر كما ثبت أن النساء كن ينصرف من الصلاة وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغلس لا يعرف بعضهن بعضا، فإذا كان المفروض أن تقام صلاة الفجر في أول الوقت في الغلس فمعنى ذلك أن الأذان الأول شُرع لإيقاظ النائمين من نومهم ليستعدوا حينما يسمعون المؤذن يقول «حي على الصلاة حي على الصلاة» في الأذان الثاني يكونون متهيئين متجهزين تمامًا للذهاب إلى المسجد ليصلوا وراء الإمام في الغلس.

فإذن هذه الجملة «الصلاة خير من النوم» يقتضي النظر الصحيح ما يوافق الرواية الصحيحة أنها في الأذان الأول دون الأذان الآخر، هذا أمر لا يسع كل باحث أن يخالفه لأنه ليس هناك روايات متعددة كأن يقال مثلاً يجوز الوجهان ولكن هنا شيء لابد من التنبيه عليه ألا وهو: من الغالب الآن على كل البلاد الإسلامية الأذان الثاني هو الذي يقولون فيه «الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم» خلافا ما ثبت في السنة كما شرحنا، فلا ينبغي لمن عرف هذه الحقيقة أن يجابه المجتمع الذي يعيش فيه بالقوة وبالإثارة وإنما كما قال ربنا تبارك وتعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]. فهناك شرع وهناك أسلوب هو من الشرع فإذا أردت أن تبين شيئًا كان خافي على الناس فلا يجب بل لا يجوز أن تجابههم بل عليك أن تترفق بهم لقوله - صلى الله عليه وسلم - «ما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>