وأخرجه الترمذي والدارقطني عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال:«كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفعا شفعا في الأذان والإقامة». وأعله الترمذي بقوله:
«وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد».
قلت: لكن الرواية الأولى تبين أنه سمعها من بعض الصحابة فلا يضر إرساله للحديث أحيانا وقد سبق زيادة تحقيق في الحديث في المسألة المشار إليها آنفا.
ثم قال الترمذي:
«وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة».
قلت: وقد أغرب ابن حزم فذهب إلى تثنية الإقامة منسوخ بحديث أنس الآتي: أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة». ولا داعي لدعوى النسخ ما دام ممكنا الجمعة بين التثنية والإفراد بأن يحمل هذا على بعض الأحيان وهذا في بعضها.
كما أغرب أيضا الحنفية والشافعية فقد احتج الأولون على تثنية الإقامة بحديث أبي محذورة مع أن فيه الترجيح في الأذان ولم يقولوا به وعكس ذلك الشافعية فأخذوا بما جاء فيه من الترجيع وتركوا ما فيه من تثنية الإقامة ولذلك قال النووي:
«وقد اتفقنا نحن وأصحاب أبي حنيفة على أن حديث أبي محذورة هذا لا يعمل بظاهره لأن فيه الترجيع وتثنية الإقامة وهم لا يقولون بالترجيع ونحن لا نقول بتثنية الإقامة فلا بد لنا ولهم من تأويله فكان الأخذ بالإفراد أولى لأنه الموافق لباقي الروايات والأحاديث الصحيحة كحديث أنس وغيره».
قلت: ولم يذكر النووي وجه تأويل الحديث عندهم وهو غير قابل للتأويل لأن فيه التنصيص على أن كلمات الإقامة سبع عشرة كلمة بينما هي عندهم إحدى عشرة كلمة كما يأتي.