قلت: أثر أبي هريرة المشار إليه علقه البخاري في «صحيحه» ووصله ابن أبي شيبة من طريق صالح مولى التوأمة قال: صليت مع أبي هريرة فوق المسجد بصلاة الإمام. قال الحافظ:«وصالح فيه ضعف لكنه رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة فاعتضد».
وأخرجه أيضا الشافعي والبيهقي كما في «النيل».
وأقول أيضا: المؤتم إذا كان يصلي في مكان مرتفع فإما أن يكون ذلك لضرورة كضيق المكان أو غير ذلك، وإما أن يكون لغير ضرورة، فإن كان الأول فلا كلام فالضرورات تبيح المحظورات، وإن كان الآخر وترتب منه قطع الصفوف والانفراد عن الصف - كما يفعله كثير من الناس المؤذنين وغيرهم والذين يصلون على السدة وأمامهم فراغ يتسع لصفوف كثير - فهو ممنوع غير جائز كما سيأتي بيانه في تسوية الصفوف إن شاء الله.
فإطلاق الشوكاني الجواز مع العلم بأنه غالبا يقترن مع الأمر المذكور ما أشرنا إليه من المحذور لا يخفى ما فيه فتأمل.
[الثمر المستطاب (١/ ٤٠٣)].
يستثنى من الحكم السابق وقوف الإمام في مكان مرتفع للتعليم
«غير أنه يستثنى من ذلك ما إذا ما إذا كان الوقوف في هذا المكان لتظهر أفعال الإمام وحركاته في الصلاة للمؤتمين ليتعلموا ذلك منه فإنه جائز، بل مستحب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى مرة على المنبر «فكبر وكبر الناس وراءه وعلا على المنبر [ثم ركع وهو عليه] ثم رفع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من صلاته ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إني إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي».