هو من حديث سهل بن سعد قال: أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأة: انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها فعمل هذه الثلاثة درجات ثم أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعت هذا الموضع فهي من طرفاء الغابة ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام عليه فكبر ... الحديث.
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد عنه والسياق لمسلم والزيادة التي بين القوسين للبخاري وغيره.
والحديث واضح الدلالة لما ذكرنا لقوله عليه الصلاة والسلام:«لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي». وقد استدل لذلك الشافعية وغيرهم.
وأما الاستدلال به على جواز ارتفاع مكان الإمام مطلقا كما استدل به الدارمي فقال بعد أن ساق الحديث:«في ذلك رخصة للإمام أن يكون أرفع من أصحابه».
وكما صنع ابن حزم حيث قال:«لا بيان أبين من هذا في جواز صلاة الإمام في مكان أرفع من مكان المأمومين».
وحكى البخاري عن شيخه علي بن عبد الله المديني عن أحمد بن حنبل أنه قال:«فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث».
فهذا استدلال غريب من هؤلاء الأئمة لا يكاد عجبي ينتهي منه فكيف يستدلون به على الجواز مطلقا مع أنه مقيد بالتعليم بنص منه عليه الصلاة والسلام؟ وهل هذا إلا كمن يستدل به على جواز الصعود على المنبر والنزول منه في أثناء الصلاة مطلقا بدون قصد التعليم؟ وهل يقول بهذا عاقل؟ فسبحان من خص الأنبياء وحدهم بالعصمة. ولذلك قال الحافظ في «الفتح»: «وفيه جواز اختلاف موقف الإمام والمأموم في العلو والسفل وقد صرح بذلك المصنف في حكاية عن شيخه علي بن المديني عن أحمد بن حنبل، ولابن دقيق العيد في ذلك بحث فإنه قال: من أراد أن يستدل به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم لأن اللفظ لا يتناوله، ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بد منه».