للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ الصادر من الصحابي لأنه يكون معبراً عن معنى فهمه من الرسول، فلا شك أن اللفظ الذي نقله الصحابي عن الرسول فيه فائدتان: فائدة اللفظ وفائدة المعنى، بحيث أنه لا يمكن أن نقول: أن الرسول ما تلفظ بهذا، وإنما تلفظ بالمعنى، بخلاف القسم الثاني نقول: هذا المعنى، أما لفظ الرسول ما ندري، لما يقول الصحابي: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الانتعال قائماً مثلاً، . ما نعرف ما لفظ الرسول، لو قال: قال رسول الله: لا تنتعلوا قياماً. نقول: هذا لفظه ومعناه واضح، أما لما يقول: نهى رسول الله ما نقل إلينا لفظ الرسول لكن نقل إلينا المعنى، في هذه الحالة: هل يحتج بهذا المعنى؟

الجواب: نعم، ولكن التفريق بين لفظ الرسول ولفظ الصحابي يساعدنا أحياناً إذا ما جاءنا خبران فيهما شيء من التعارض فالتمسك بلفظ الرسول حينذاك مع المعنى أقوى من التمسك بلفظ الصحابي مع ما فيه من معنى.

المهم لو كان الرسول عليه السلام تَلَفَّظ بنص عام يشمل أجزاء كثيرة، ثم جزء من هذه الأجزاء لم يجر عمل السلف عليه، فهذا الجزء يخرج من النص العام ولا يعمل به، هنا الدقة في الموضوع، نص عام يشمل أجزاء كثيرة فروع كثيرة، لكن فرع من هذه الفروع علمنا بطريقة أو بأخرى أن الرسول والسلف ما فعلوا بهذا الفرع، إذاً: ما نعمل به ولو كان داخلاً في النص العام، وهذه حقيقة يعرفها كل العلماء الذين يلاحظون طريقة الاستدلال للأحكام الشرعية التي منها مثلاً أن الشيء الفلاني والشيء الفلاني عشرات الأمور يقال: إنها من البدع، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

مع أنه على الغالب في الدين تسعة وتسعين ما من بدعة إلا وتدخل ضمن نص عام، تصور كل وا حد منكم الآن يتصور أي بدعة مقتنع هو في قرارة نفسه ببدعيتها ثم ليفكر قليلاً فسيجد نصاً عاماً يشمل تلك البدعة، وإن لم يستحضر، وأنا مستعد أن أذكر له نصاً عاماً إذا ما أراد أن يعمل بهذا النص العام دون النظر إلى عدم جريان العمل بذاك الجزء الذي سميناه بدعة صارت هذه البدعة سنة، وأنا أضرب على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>