للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراتب الفروع من النقول، ولولا حسن الظن به وتأويل كلامه بسببه؛ لكان كفراً صريحاً، وارتداداً صحيحاً! فهل يجهل المؤمن أن يُحَرِّمَ ما ثبت فِعله منه - صلى الله عليه وسلم - ما كاد نقله أن يكون متواتراً، ويمنعَ جواز ما عليه عامة العلماء كابراً عن كابر مكابراً؟ ! والحال: أن الإمام الأعظم، والهمام الأقدم قال: لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعرف مأخذه من الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، والقياس الجلي في المسألة.

وقال الشافعي: إذا صح الحديث على خلاف فعلي؛ فاضربوا قولي على الحائط، واعملوا بالحديث الضابط.

فإذا عرفت هذا؛ فاعلم أنه لو لم يكن نص الإمام على المرام؛ لكان على المقتفين من أتباعه من العلماء الكرام - فضلاً عن العوام - أن يعملوا بما صح عنه عليه الصلاة والسلام.

وكذا لو صح عن الإمام - فرضاً - نفيُ الإشارة، وصح إثباتها عن صاحب البشارة؛ فلا شك في ترجيح المثبت المسند إليه - صلى الله عليه وسلم -. كيف وقد طابق نقله الصريح ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام بالإسناد الصحيح؟ ! فمن أنصف ولم يتعسف؛ عرف أن هذا سبيل أهل التَّدَيُّن من السلف والخلف، ومن عدل عن ذلك؛ فهو هالك بوصف الجاهل المعاند المكابر؛ ولو كان عند الناس من الأكابر.

وغاية ما يعتذر به عن بعض المشايخ حيث منعوا الإشارة وذهبوا إلى الكراهة: عدم وصول الأحاديث إليهم، وقد ورد اختلاف فعلها وتركها عليهم، فظنوا أن تركها أولى».

قال: «فالجاهل بالأخبار النبوية والآثار المصطفوية لما رأى أن بعض الناس يشيرون عملاً بالسنة، وبعضهم يتركون الإشارة، إما للجهل، أو للكسل، أو للغفلة؛ فقال: تركها أولى؛ لأنها زيادة في المبنى على أصل المعنى. فجاء بعده غيره وقال: هي مكروهة.

وأراد أنها كراهة تنزيه؛ لكن لم يجعل عليه من تنبيه! فتوهم مَنْ بعدهم أنه حرام، وحسب أنه في الدين لعظيم؛ بناءً على أن الكراهة إذا أطلقت؛ فهي كراهة تحريم! ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>