الشيخ: نعم، إخوانُنا يعرفون قصتي أنا مع الجماعة الأولى والثانية، وأنا بُرْهَةً طويلة من الدهر ساعاتي، مُصْلِح الساعات، وكان محلي -دُكَّاني- بجانب المسجد، فكنت أسمع الأذان بآذاني، ولكن كنت متأثراً بالفقه السائد، والمُشَاهد في المساجد تكرار الجماعة الواحدة بعد الأخرى.
فأنا مثلاً: أشتغل في الساعة، أريد أن أُرَكِّب برغي، أو أريد أن أُرَكِّب عقرب، أسمع الأذان، وأُعَلِّل لنفسي أن هذه شغلة بسيطة، سرعان ما أنتهي منها، وسأقوم وأُدرك صلاة الجماعة، هذه تُصْبِح أحياناً ليست بسيطة، صعبة وطويلة الأمد، ويصبح نقاش بيني وبين عقلي وبين نفسي، أن هذا ستفوِّتك صلاة الجماعة، اترك الساعة ستجدها في أرضها، واذهب وأدرك الجماعة، نفسي ستقول لي: لا، ولو كان راحت الجماعة ستجد جماعة ثانية .. عقلي يقول: افرض أنه لم نجد إماماً يصلي فينا، أنت طالب علم ..
فعلى الأقل في هذه المسألة.
فاقتنعتُ أنه كما أنه في المجتمع العام لا يُشْرَع إلا إمام واحد هو الخليفة، كذلك في المجتمع الخاص، -وهو المسجد- لا يُشْرَع إلا إمام واحد، اقتنعت في هذا ..
بعد هذا الاقتناع، الساعة بيدي، وضعتها على الطاولة أمامي، وانطلقت سراعاً، نادر جداً جداً بعدما حملت في نفسي هذه العقيدة الصحيحة أن تفوتني صلاة الجماعة.
ولذلك: فالقول بجواز الجماعة الثانية، هي تَصُدُّ عن ذكر الله مع الجماعة الأولى، هذا أمر واقع ما له من دافع.