-فأيضاً- لماذا نحن نُوجِد مخارج لأنفسنا؟ كان المقتضي لإيجادها موجود في عهد الرسول عليه السلام.
مع ذلك ما أوجد الرسول هذا المخرج، هذا المخرج جاء من خطأ فَهْم للحديث، بأنه عام يشمل حتى المقتدي وراء الإمام في الجهرية، من أين جاء الخطأ؟
من عدم التَنَبُّه للحديث الذي أنت قلت: -لا شك في صحته- «قراءة الإمام قراءة لمن خلفه».
إذاً: الإمام حينما يقرأ جهراً، وأنت تسمع، وأنت تدبر ما يقرأ، حصل لك المقصود من قراءتك لنفسك لو قرأت والإمام ساكت، بل أنا أُلاحظ شيئاً، المستمع للتلاوة باستطاعته أن يتدبر أكثر من القارئ نَفسِه، صحيح، أو لا؟
مداخلة: صحيح.
الشيخ: إذا كان الأمر كذلك، فحينما يقرأ الإمام وأنت تصغي لقراءته، فقد حصل لك القراءة وزيادة.
ولذلك جاء في صحيح البخاري: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأحد أصحابه، هما روايتان، مَرَّة لابن مسعود، ومَرَّة لأُبَيّ بن كعب، قال:«اقرأ عليّ القرآن، قال: أقرأ عليك القرآن وعليك أُنزل؟ ! قال: اقرأ، فإني أحب أن أسمعه من غيري».
فإذاً: رَبُّنا عز وجل حينما أوجب الإنصات على المقتدين السامعين لتلاوة القرآن، إنما أوجب ذلك لأمر مرغوب به عند الله، وهو أن يستمع هذا السامع لقراءة الإمام، ويتدبر فيما يقرأ، أما لو أنت قرأت والإمام يقرأ، ما تستطع أن تَدَّبّر ما تقرأ أبداً؛ لأنك أنت مشغول للإصغاء، ومشغول بالقراءة، والله يقول:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}[الأحزاب: ٤]، فأنت واحدة من الاثنتين: إما أن تَنْتَبِه