يصمت في الجهرية ولا يقرأ ما دام أنه يسمع تلاوة القرآن من الإمام، وبذلك تتجمع الأدلة التي يبدو التعارض بينها وتسلم من التعارض حينما نضع كل دليل في مكانه المناسب مع ملاحظة ما قد يعارضه فينبغي حينذاك التوفيق بين النصوص كما هو معلوم من قواعد علم الأصول .. أصول الفقه وأصول الحديث أيضاً.
فقد ذكر الحافظ العراقي رحمه الله في شرحه على مقدمة ابن الصلاح في قسم الحديث المختلف أنه إذا جاء حديثان مختلفان متعارضان في الظاهر وجب التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوثيق الكثيرة التي جاوزت مائة وجه وأكثر، وهذا أمر هام جداً وإلا وقع طالب العلم في حيص بيص.
فنحن مثلاً نقرأ قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة: ٣] فإذا وقفنا عند هذه الآية ولم نأخذ بما جاءت به الأحاديث من إباحة ميتة البحر والجراد حرمنا أكلهما؛ لأن النص القرآني يشملهما:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة: ٣] إذاً: هذه قاعدة من قواعد التوفيق بين النصوص، وهي التي يعبر عنا بالعام والخاص، فإذا جاء نص خاص يعارض النص العام خصص النص العام بالنص الخاص.
ولا يشترط هاهنا ما يقوله بعض المذاهب من أنه لا يجوز تخصيص النص العام القاطع أو المتواتر بالنص الخاص الآحاد، هذا ليس شرطاً وإن كان يذكره بعضهم في كتبهم الأصولية ولكننا نراهم مع ذلك يخالفون أصولهم في بعض التفريعات وفي بعض الفروع التي منها ما نحن فيه الآن.
القاعدة التي قالوها: لا يجوز تخصيص العام المقطوع ثبوته والقرآن من ذلك بالحديث الآحاد الظني الثبوت، مع ذلك وافقوا جمهور المسلمين على إباحة ميتة السمك والجراد مع أن الحديث في ذلك أقل ما يقال فيه: أنه ليس متواتراً، وقد خصصوا المقطوع ثبوته بالمضمون ثبوته.
على هذا يجب التوفيق بين النصوص المتعارضة، فعندنا الآية الكريمة:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف: ٢٠٤] نص عام يعارضه