على النص العام فيزداد النص العام ضعفاً فيظل النص الآخر على عمومه وشموله.
ونؤكد ذلك باستنباط آخر: لعلكم جميعاً تعلمون ما جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم جمعة ثم دخل سليك الغطفاني فجلس فقال عليه الصلاة والسلام، قطع خطبته بطبيعة الحال:«يا فلان، أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين» إلى هنا نقف قليلاً لبلال لما يأتي، نجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اهتم بتحية المسجد اهتماماً بالغاً حيث قطع خطبته وأمر ذلك الجالس بأن ينهض بعد جلوسه ويصلي ركعتين.
قال عليه الصلاة والسلام موجهاً خطابه للجالسين فقال:«إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوز فيهما» هذا خطاب لكل داخل يوم الجمعة ألا يجلس ولو كان الخطيب يخطب، هذا يدلنا على شيء وهو يؤكد ما ذهب إليه ابن تيمية من تخصيص النص العام المخصص بالنص العام غير المخصص.
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكد الأمر بصلاة ركعتين والخطيب يخطب بينما نهى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخطيب يخطب كما تعلمون بالحديث الصحيح:«إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت» فقول القائل: أنصت والإمام يخطب هو أمر بالمعروف، نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك بينما أمر بالتحية فهذا يؤكد بأن التحية واجبة على الراجح عندنا وهي على الأقل مؤكدة سنة مؤكدة ولو في وقت كراهة الصلاة هنا الشاهد في الكلام؛ ذلك لأنه لا يجوز لأحد إذا قام الخطيب يخطب فليتنفل يعني: يتابع الخطيب حتى ولو تحية المسجد إذا كان جلس عامداً ثم قام يريد أن يصلي فحينئذٍ لا تصح هذه الصلاة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما دونه للنافل أولى بالنهي، فإن أمر بتحية المسجد في هذا الوقت الذي لا يكره التنفل فله ذلك، أما تحية المسجد تكره في الأوقات المكروهة خلافاً للنواحي الأخرى.
من هنا جاء علماء الشافعية بعبارة تجمعها القول في هذه المسألة حيث قالوا: النوافل قسمان: