للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذوات أسباب، ونوافل مطلقة ليس لها أسباب، فما كان من القسم الأول [فتجوز الصلاة] ولو في الأوقات المكروهة؛ لأن تركها يفوت بفوات مناسبتها، وأما ما كان من النافلة المطلقة فالإنسان يستطيع أن يتنفل في غير هذه الأوقات المنهي عنها.

نعود إلى بحثنا السابق وهو: من الصعب أن نعرف هذا الجواب .. {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] نص عام .. «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» نص عام، وجدنا النص الأول لم يدخله تخصيص .. وجدنا النص الآخر قد دخله التخصيص شيء من هذا التخصيص يكاد يكون إجماعاً إلينا من جاء بعد الصحابة وهو أقوى إجماعاً في عهد الصحابة، أعني بذلك أن من جاء والإمام راكع فاقتدى به أدرك الإمام راكعاً مع أنه لم يقرأ فاتحة الكتاب، إذاً ماذا فعلنا بالحديث لا صلاة؟ أيضاً أدخلنا عليه التخصيص فقلنا: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» حتى في الصلاة السرية التي يجوز قراءة الفاتحة فيها فضلاً عن الصلاة الجهرية وفيها ما نحن بصدده، إذا أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة كلها فلا يجب عليه إعادتها فيكون الحديث مخصصاً بمثل هذه الحالة: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» إلا في حالة عدم تمكنه من قراءة الفاتحة بمثل إدراك الإمام راكعاً فيركع فتحسب له الركعة.

هذا فيه بعض الأحاديث التي رويت منها في سنن أبي داود بسند فيه ضعف وروي بإسناد آخر فيه قوة قد ذكرت ذلك في بعض الكتب، ثم تأكد ذلك بمجيء ما تضمنه الحديث من أن مدرك الركوع وراء الإمام مدرك للركعة أنه ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة دون أن يعرف لهم مخالف على رأسهم أبو بكر الصديق ثم عبد الله بن مسعود، ثم زيد بن ثابت، ثم عبد الله بن عمر، وقد يكون موافقون آخرون لا أستحضر غيرهم الآن، وهؤلاء أكثرهم من أسانيد بذلك إليهم صحيحة كما كنت ذكرت ذلك في بعض المؤلفات ومنها فيما أذكر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل.

فإذاً: قوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» مخصَّص

<<  <  ج: ص:  >  >>