لقوله عليه السلام كل بدعة ضلالة، ولقد أكد هذه الكلية بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم تصريحاً وبعضهم تلميحاً أو إشارة، فقد صح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة.
وجاء ما يشير إلى هذا كما ألمحت آنفاً: قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفاً أيضاً: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة، والسبب في هذا واضح جداً عن أهل العلم؛ لأن المقتصد في السنة بالإمكان في بعضها مأجور إذا كان في ذلك مخلصاً عند الله تبارك وتعالى لا شك ولا ريب وليس كذلك في الابتداع في الدين فذلك مردود على صاحبه كما قال عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
لذلك كان قول ابن مسعود في منتهى الحكمة وفي منتهى الموعظة الحسنة حيث قال: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة، وهذا يعني أن المسلم منهي عن أن يشغل عقله وفكره بأن يحدث في الدين ما لم يكن منه ثم يجتهد هل هو حسن فيعمل فيه، لا ما أحد [يتجه] إلى ذلك لأن ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من العبادات، هذه العبادات أفضل الناس ولو كان داود عليه الصلاة والسلام الذي روى الإمام البخاري في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان داود أعبد البشر» فلو كان داود عليه الصلاة والسلام من أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستطع أن ينهض بكل العبادات التي جاء بها عليه الصلاة والسلام تأكيداً لما جاء في حديثين اثنين:
الحديث الأول: ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يأمر أمته بخير ما يعلمه لهم».
والحديث الثاني يتعلق بشخص النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاته حيث قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام الشافعي لسننه وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه» لذلك صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق .. اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم،