للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: قد شرع لكم من العبادات ما يكفيكم ويزيد عليكم، فما عليكم إلا الاتباع .. اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق.

ولذلك جاء عن ابن مسعود أيضاً قصة رائعة جداً فيها تطبيق منه ابن مسعود أعني .. فيه تطبيق لما سبق من الأحاديث والآثار الموقوفة ذلك ما أخرجه الإمام الدارمي في سننه بسنده الصحيح أن أبا موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه جاء صباح يوم إلى ابن مسعود في داره فوجد الناس [متحلقين] فقال لهم متسائلاً: أخرج أبو عبد الرحمن .. كنية عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن .. أخرج أبو عبد الرحمن؟ قالوا: لا، فجلس ينتظره إلى أن خرج فقال أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن، لقد رأيت في المسجد آنفاً شيئاً أنكرته والحمد لله لم أر إلا خيراً .. أرجوا الانتباه إلى الجمع بين قوله والحمد لله لم أر إلا خيراً، لكن قال: أنكرته، كيف ينكر الخير؟ لأنه [محدَث] كما سيأتيكم البيان في تمام القصة إن شاء الله تعالى.

قال ابن مسعود: وماذا رأيت؟ قال: إن عشت فستراه، رأيت في المسجد حلقاً حلقاً وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله: سبحوا كذا أي: عدد، واحمدوا كذا وكبروا كذا، وأمام كل رجل منهم حصى يعد به التسبيح والتكبير والتحميد، قال ابن مسعود: أفلا أنكرت عليهم، قال: لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك، فعاد ابن مسعود إلى داره وخرج متقنعاً لا يعرف حتى وقف على الحلقات التي وصفت له، فلما رآهم كما قيل له كشف عن وجهه اللثام والقناع وقال: ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ أنا صحابي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نعد به التسبيح والتكبير والتحميد، قال: عدوا سيئاتكم وأنا الضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء، ويحكم ما أسرع هلكتكم هذه ثيابه - صلى الله عليه وسلم - لم تبل وهذه آنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده فإنكم لأهدى من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو إنكم متمسكون بزمن ضلالة.

لا شك أن القضية الأولى مستحيلة أن يكون أهدى من الرسول عليه السلام فلم يبق إلا أنهم متمسكون بزمام ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن! ما أردنا إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>