قال ابن حزم:«وجائز للحائض والنفساء أن يتزوجا وأن يدخلا المسجد وكذلك الجنب لأنه لم يأتي نهي عن شيء من ذلك وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن لا ينجس» وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم جماعة كثيرة ولا شك في أن فيهم من يحتلم فما نهوا قط عن ذلك.
وقال قوم: لا يدخل المسجد الجنب والحائض إلا مجتازين. هذا قول الشافعي وذكروا قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُوا}[النساء / ٤٣] فادعوا أن زيد بن أسلم أو غيره قال: معناه: لا تقربوا مواضع الصلاة.
قال ابن حزم: ولا حجة في قول زيد ولو صح أنه قاله لكان خطأ منه لأنه لا يجوز أن يظن أن الله تعالى أراد أن يقول: لا تقربوا مواضع الصلاة. فيلبس علينا قوله فيقول:{لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} وروي أن الآية في الصلاة نفسها عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجماعة.
وقال مالك: لا يمر فيه أصلا.
وقال أبو حنيفة وسفيان: لا يمرا فيه فإن اضطرا إلى ذلك تيمما ثم مرا فيه واحتج من منع ذلك بحديث ... ».
قلت: فساق حديث عائشة وأم سلمة والمطلب بن عبد الله المتقدم آنفا وقال:
«وهذا كله باطل».
ثم بين عللها بنحو ما سبق ثم ما روى من طريق البخاري بسنده عن عائشة أم المؤمنين:
أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش. قال ابن حزم:«فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه الصلاة والسلام من ذلك ولا نهى عنه وكل ما لم ينه عليه الصلاة والسلام عنه فمباح». قال: