التردد كأنه يعمي عليه نسبة هذه القرابة بينه وبين المحجوج عنه، لو فرد منا سأل أخاه: من هذا؟ فلا يستقيم جوابه لو قال: هذا أخ لي أو قريب لي، وبخاصة إذا كان السائل هو الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
فهذه الملاحظة تؤكد لنا أن هذا الحديث رواه الراوي غير ضابط لمتنه، فلا نستطيع أن نقول: إن المحجوج عنه كان أخ له أو كان قريبًا له، لا شك أن القرابة واسعة الدائرة جدًا فحينئذ لا يستقيم الاحتجاج بهذا التردد بأن يقال: بأنه حج عن غير أبيه؛ لأن الراوي لم يضبط هذه اللفظة.
وقد وجدت في معجم الطبراني الصغير وربما في غيره أيضًا أن المسئول والحاج عن شبرمة قال في الجواب: هو أبي، وحينئذ يكون الحديث كحديث الخثعمية لا يصح الاستدلال عن الحج حجة البدل الحج عن الغير ولو كان غير أبويه، هذا أول ما يرد على هذا الحديث.
الشيء الثاني: لو سلمنا فرضاً وجدلًا أن المحجوج عنه هو ليس أبًا له ولا أمًا، فحينئذ يحتمل أن يكون حج هذا الحآج عن شبرمة عن وصية صدرت عن شبرمة، وحينئذ فيأخذ الحديث مجالًا آخر: وهو تنفيذ وصية من أوصى بالحج عنه، فحينئذ فتنفيذ هذا الوصية أمر مشروع، ومعلوم عند الفقهاء أن الحديث أو الدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال، وبخاصة إذا كان يخالف قاعدًة شرعيًة:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩].
وإذا فتح باب الحج عن الغير انفتح باب واسع جدًا من الإحداث في الدين في اعتقادي فيجوز حينئذٍ أن يصلي الإنسان عن غيره وأن يصوم صيامًا مطلقًا عن غيره، ونحو ذلك مما يختلف كل الاختلاف مع قوله تبارك وتعالى المذكور آنفًا:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩].
بقي الجواب عن أخذ الأجرة: أعتقد أننا إذا حصرنا دائرة حجة البدل بين الولد ووالديه فحينئذٍ يبطل كثير مما يتعلق بموضوع أخذ الأجرة، اللهم إلا في حالة واحدة: إذا أوصى رجل كان يجب عليه الحج، ثم لأمر ما أو لغيره لم يحج ولم يقض