هذه المعارضة الموجودة في حديث واحد رواه البخاري بلفظ:«فحسر الإزار عن فخذه» ورواه مسلم: «فانحسر الإزار عن فخذه» فلفظ البخاري حسر أي قصداً, وهنا حينذاك يظهر حكم جديد.
بينما لفظ مسلم «انحسر» أي ليس له كسب في ذلك، لأنه يطارد ويركض بفرسه، وهو بطبيعة الحال الثوب يطير مع الهواء وينكشف الفخذ.
هذا المعنى الثاني، إذا أردنا أن نُرجِّج قلنا: رواية مسلم أصح من رواية البخاري في هذه اللفظة, فإذا مانحن نقرأ في علم مصطلح الحديث أن ما رواه البخاري أصح مما رواه مسلم، وما رواه مسلم أصح مما رواه السنن وو .. إلى أخره من المسانيد.
هذه قاعدة ولكنها ليست مُطردة، فَرُبّ حديث لم يروه الشيخان، رواه الإمام أحمد في مسنده أصح من كثير من الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم كلاهما معاً في الصحيحين.
القاعدة هذه قاعدة ليست مضطردة، وإنما يمكن أن نقول أنها قاعدة أغلبية.
فالآن: إذا افترضنا أن رواية البخاري: حسر الإزارَ وليس الراجح «انحسر الإزارُ» حسر الإزار.
افترضنا أن هذه رواية أصح بناءًا على القاعدة العامة أنه ما رواه البخاري أصح مما رواه مسلم، كيف التوفيق بين هذا الحديث الصحيح وبين قوله عليه السلام:«الفخذ عورة».
نلجأ إلى القاعدة فنستريح:«الفخذ عورة» تشريع عام للأمة، عارضه هذا الفعل مع أن هذا الفعل فيه ذلك الإشكال، يا ترى كان قصداً منه أم دون قصد! لكن نفترض أنه كان بقصد منه، إذاً: هذا فعل وقد يكون على الإباحة الأصلية.
وقد يكون لعذر تضايق، وهو يطارد فكشف الثوب وانحسر ثوبه عن فخذه، وقد يكون خصوصيةً.