يقول «لا تصوموا يوم السبت إلا في الفرض» ويوم عاشوراء ويوم عرفة ليسا فرضا، هو مباح بل هو مستحب، لكن: إذا تعارض الحاظر مع المبيح، قُدِّم الحاظر على المبيح، قربنا لهم بالحديث الذي ألمحت إليه أولا، وهو الشيء الثاني، الحديث الأول «من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرًا منه».
الشيء الآخر: وهو مهم جدًا، ولعله يُزِيل الإشكال والاضطراب من بعض الأذهان.
إذا اتفق يوم الاثنين ويوم خميس يوم عيد، وكلنا يعلم -إن شاء الله- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم العيد؛ عيد الفطر أو عيد الأضحى، فهما يومان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامهما، كما جاء ذلك في صحيح البخاري وغيره، فإذا اتفق يوم الفطر أو يوم الأضحى يوم الاثنين أو يوم الخميس، أيُّهما يُقَدَّم على الآخر، لقد كان الجواب بإجماع الحاضرين من المشايخ والدكاترة، أنه يُقَدَّم النهي هاهنا على فضيلة صيام يوم الاثنين وصيام يوم الخميس، فسألناهم تحت أيّ قاعدة يدخل جوابكم هذا -وهو صحيح- حينما قدَّمتُم النهي عن صوم يوم العيد على فضيلة صوم يوم الاثنين ويوم الخميس، أليس أنكم قدَّمُتم الحاظر على المبيح؟
لقد أَقَرّوا على ذلك، فقلنا لهم: ما الفرق حينذاك بين أن يتفق يوم سبت مع يوم عرفة أو يوم عاشوراء، لا فرق بين هذه الصورة وبين الصورة التي اتفقنا جميعا على تغليب الحاظر على المبيح؛ نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يومي العيد، وحضّ على صوم يوم الاثنين والخميس، فاتفق صوم يوم العيد يوم خميسٍ أو يوم اثنين، ماذا فعلنا هنا؟ كما قلت -آنفا- قدمنا الحاظر على المبيح.
وشيء آخر: ربما لم أذكره في ذلك المجلس، وألهمني الله عز وجل أن أذكره الآن، وهو أن صوم يوم الاثنين والخميس أمر عام؛ أي كلما تردد يوم الاثنين بتردد الأسبوع وكذلك الخميس، استحب للمسلم أن يصومهما، فكأن هذا هو نص عام أن يصوم المسلم كل يوم خميس كما ثبت عن الرسول عليه السلام وكل يوم اثنين، فإذا جاء النهي فذلك من باب الاستثناء للقليل من الكثير، وهذا من جملة الطرق