التي يوفّق العلماء بها بين الأحاديث التي يظهر التعارض بينها أحيانا.
فإذًا: أصل الحَضّ على صوم يوم الاثنين والخميس، فإذا تعارض هذا الأصل مع نهي عارضٍ، هنا يعرض يوم السبت وهناك يعرض يوم العيد، فقدمنا العارض على الأصل جمعًا بين النصوص.
لهذا أنا أقول: بأنه لا إشكال إطلاقا في إعمال هذا الحديث على عمومه، وهو قولٌ قد قال به بعض من مضى من أهل العلم كما حكى ذلك «أبو جعفر الطحاوي» في كتابه «شرح معاني الآثار».
فلا ينبغي للمسلم بعد مثل هذا البيان، أن يتردد أو أن لا يبادر إلى الانتهاء عما نهى الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - عنه، رُكُونًا منه إلى القاعدة العامة وإلى الفضيلة الخاصة التي جاءت في بعض الأيام الفضيلة، ولكنها تعارضت مع نهي خاص، فهذا النهي إذًا مُقَدَّم أولاً لأنه خاص، والخاص يقضي على العام، ولأنه حاظر، والحاظر مقدّم على المبيح، وقبل ذلك كما ذكرنا لكم في مطلع هذا الجواب «من ترك شيئا لله، عوّضه الله خيرا منه».
لذلك لن يطمئن القلب ولم ينشرح الصدر للذين تأولوا حديث النهي عن صيام يوم السبت بأنه مقصود منفردًا، فإذا انضم إليه يوم آخر جاز؛ لسببين اثنين:
أحدهما: يمكن أن نستشفه وأن نكتشفه من الكلام السابق، وهو:«أنّ الحاظر مقدم على المبيح».
والشيء الثاني: أنّ هذا التقييد معناه الاستدراك، أو لِنَقُل بما هو ألطف من ذلك: معناه أنه شبه استدراك على استثناء الرسول عليه الصلاة والسلام، وبدون حجة قوية ملزمة:«لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم» وإلا مقرونا بغيره.
هذا أعتبره شبه استدراك، على من؟ على أفصح من نطق بالضاد وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان حديث «أنا أفصح من نطق بالضاد» من حيث الرواية لا أصل له، لكن من حيث الواقع فهو بلا شك أنه عليه الصلاة والسلام أفصح من