ولذلك: فينبغي عند الدخول إلى المسجد أن يدخل باليمنى مُبَسْملاً -أيضاً- قائلاً بسم الله اللهم صَلِّي على محمد وسَلّم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
فما يتهافت عليه كثير من الناس يدخلون هكذا، كأنهم حمراً مستنفرة مستعجلين غير متذكرين الواجب للداخل إلى المسجد بعامة، وإلى مسجد الرسول عليه السلام بخاصة هذا الأدب الذي ذكرته أنفاً، ينطلقون فوراً إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بزعمهم؛ ليُصَلُّوا عليه عند قبره، أما عند دخولهم المسجد فهم ينسون أو يتناسون .. هو الواقع الصلاة على النبي التي أمرهم بها فينقلونها من مكان أول دخول المسجد إلى قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أن في هذا العمل ليس فقط مخالفة للسنة ونقلها من مكان مشروع إلى مكان آخر غير مشروع، بالإضافة إلى هذا القلب والعكس في السنة، ففيه الآفة التي ابتلي بها كثير من المسلمين اليوم الذين لم يُرَبَّوا مع الأسف الشديد من علمائهم ومرشديهم على السنة، ذلك ما أعنيه هو الغلو في تعظيم الرسول عليه السلام ولا أقول في حُبِّه؛ لأن الحب الصحيح من أول شروطه هو طاعة المحبوب، كما قيل:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
ثم يقول: إن المحب لمن يحب مطيع، في بعض الأقوال الأخرى، والآية في هذا تكفي، وهو قوله عز وجل:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} فمن كان صادقاً في حُبِّه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فهذا الحب يظهر في منطلقة في كل حياته، وليس في بعض المظاهر التي يتعاطاها، وتتجلى على بعض الناس لمجرد الجهل بطريقة الحب، هذا ليس حباً.
ولذلك: فالذين يأتون خاصة أول ما يدخلون المسجد النبوي القبر النبوي، ويقفون هناك طويلاً أو قصيراً، ويصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد نقلوا الصلاة من وقتها في حين دخول المسجد إلى ذلك المكان الذي لم يُشْرع، أولاً: فيه القيام والوقوف من أجل العبادة، ومنها الصلاة على الرسول عليه السلام ومن باب أولى ألاَّ يشرع عند ذاك المقام الدعاء إلى الله تبارك وتعالى، وبخاصة أنهم يُخِلُّون بأدب آخر ألا وهو