للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسلام جاء بقواعد باب سد الذريعة كما هو معلوم في الكتاب والسنة، ولسنا في هذا الصدد.

فإذاً: كان من الحِكْمة البالغة ومن السياسة الشرعية الحكيمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغلق باب مدحه عليه السلام، إلا بما جاء في الشرع؛ خشية أن يُؤَدِّي المبالغة في مدحه إلى شيء يُخالف الشرع.

قد يبدأ المادح بكلمات مدح له عليه السلام لا غبار عليها، ولكن من الصعب بمكان أن يقف المادح عند حدود الشرع، إلا إذا كان عالماً بالمناهي التي جاءت في الشرع صراحةً، وبالمناهي التي لم تأت في الشرع صراحة، وإنما جاءت من باب سد الذريعة؛ لهذا نرى أن تفسير الحديث في السابق هو بمعنى «لا تمدحوني» «ولكن قولوا عبد الله ورسوله» ولو أن المسلمين التزموا أن يذكروا كل ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفضائل والمناقب فذلك يكفيهم عن أن يبتكروا مدحاً له عليه السلام كما قال ذلك الشاعر المصري، أغناهم ذلك عن أيِّ مدح؛ لأن الله عز وجل ليس بعد قوله {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وبعد ما جاء في الشرع كتابًا وسنةً من فضائل ومناقب للرسول عليه السلام فذلك خير وأبقى مما عليه بعض المسلمين اليوم من تنظيم قصائد وأناشيد يتخذونها -زعموا- في مدح الرسول عليه السلام.

ويكفي هذه الملاحظة التي سأذكرها تالياً: إن هذه الأناشيد التي يسمونها بالأناشيد الدينية بين كثير من المسلمين رجالاً ونساءً أصبحت تقوم مقام التغني بالقرآن، وهذا من وسائل الشيطان باسم تعظيم نبي الإسلام؛ يمدحونه ثم تُصبح هذه المماديح شريعة تَصْرفُهم عن شريعة الحق وعن التغني بالقرآن الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: «من لم يتغنَّ في القرآن فليس منى».

لعلي استطردت كثيراً بمناسبة دخول المسجد النبوي والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكني أرى أن هذا أمر يجب التنبيه عليه لكثرة المخالفين والمبتعدين عن الشرع حينما يدخلون مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ويتيممون الشطر قِبَل قبره قلت -آنفاً- إن السلف الصالح لم يكن من عادتهم إذا جاؤوا مسافرين، أي إذا شَدُّوا الرحال إلى مسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>