للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفظي طبعاً، إنسان لا يحكم عليه بالشرك والكفر؛ لأن هذا كما قلنا شرك لفظي ليس شركاً قلبياً ولكن ما الذي أوداهم وأوصلهم إلى هذا الشرك اللفظي والابتداع في الدين!

ولذلك: الأذكار كُلُّها ومنها التلبية في الحج والعمرة، كل واحد بيلبي حسب نشاطه ونَفَسِه، ما بيربط صوته وحرفه مع حرف زميله الذي بجنبه.

ومن الملاحظ أنه في كثير من الأحيان تلتقي الأصوات، وهذا ما فيه مانع؛ لأنه بداهة فكما أنه لا يُشْرَع في الملبي أن يتقصد، أن يمشي صوته مع صوت من يُلَبِّي، كذلك لا ينبغي أن يقصد أنه يفترق عنه؛ لأنه كل من الأمرين هو تَكَلُّف منهي عنه شرعاً هذه هي الملاحظة الأولى.

الملاحظة الثانية: وقد تكون غريبة بالنسبة لجماهير الناس، وهي أن النساء يشتركن مع الرجال في رفع أصواتهن بالتلبية، سيقال هنا ما يقال -مثلاً-إن صوت المرأة عورة، نحن وإن كنا لا نجد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على أن صوت المرأة عورة، لكننا نرى أن المرأة يجب أن لا ترفع صوتها في مخاطبتها للرجال فضلاً عن تلاوة القرآن وعند ذكرها للأوراد والأذكار الواردة في الشرع، إلا في هذه الشعيرة من شعائر الحج ألا وهي التلبية.

ولَعَلّ الحكمة في ذلك: أن هذه الظاهرة الإسلامية التي لا مثل لها في الشريعة نفسها، فضلاً عن الشرائع الأخرى، أن صوت المرأة يضيع هنا على خلاف لو كانت المرأة في جو هادئ فترفع صوتها ولو بقراءة كلام الله كتاب الله عز وجل، كما يذاع أحياناً عن أُمّ كلثوم هذه المغنية، فنشروا لها تلاوة للقرآن، هذا طبعاً لا يجوز في الإسلام، أما التلبية مع أصوات الجمهور يذهب صوت النساء في صدى صوت الرجال ولا يظهر أن زينب ولا عائشة ولا أم كلثوم هنا اللّي عَمّ يرفعوا هذا الصوت تضيع القضية، فلعله هذا من حكمة شرعية رفع النساء أصواتهن في هذه التلبية للحج أو في العمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>