للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستمر هؤلاء الحجاج والعُمَّار في التلبية، مع ملاحظة الأدب السابق: التسبيح والتكبير في الوديان والجبال، حتى يصلوا على مشارف مكة، فهناك تنقطع التلبية ويدخلون المسجد من أيِّ باب تيسر له، إذا تيسر له الدخول من باب السلام، فذلك لعله من الأولى إذا تيسر له ذلك؛ لأنه من الصعب في هذا الزمن بسبب ازدحام الحجاج والعمار أن يتمكن المسلم من أن يأتي بكل هذه السنن التي كانت مُيَسَّرة يومئذ لوجود عدد لا يزدحم هذا الازدحام الموجود اليوم.

فإذا دخل المسجد الحرام أو أراد أن يدخل المسجد الحرام، أُذَكِّر أيضاً بأن الأدب هو هو، أي: أن يدخل بالتسمية وبالدعاء، كما قلنا بالنسبة لمسجد الرسول عليه السلام ثم يأتي إلى المسجد ثم يدخل إلى المسجد، ويذهب على الحجر الأسود فيستقبله ويُقَبله إن تيسر له ذلك وهذا نادر جداً جداً أيضاً؛ للسبب الذي ذكرته أنفاً من شدة الزحام، فإذا تيسر له تقبيل الحجر الأسود دون أن يؤذي أحداً من المسلمين بسبب زحامه لهم، فذلك هو من تمام السنة، وكما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما صح عنه: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلك ما قَبَّلتك.

وفي هذا تنبيه أن العبادات توقيفية، ومعنى توقيفية أنها ليست بالرأي والاجتهاد والاستنباطات، الاجتهاد والاستنباط إنما هو في الأحكام العملية التي لا بد للمسلم أن يتخذ موقفاً خاصاً منها، أما العبادات فهي توقيفية مع النص نقف ولا نجتهد ولا نقيس ولا نُوَسِّع من فروع هذا الأثر العُمَري والفقه الذي تضمنه، المصحف فيه كلام الله المنزل على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - هل نُقَبِّلُهُ؟

الجواب: لا، لماذا؟ لأنه لم يكن من عمل السلف، ومن أحسن ما جاء في «مصنف أبن أبي شيبه» أنه سئل عن زخرفة المصحف، فقال: إنما أنزل للعمل به وليس لزخرفته، أو ما يشبه هذا الكلام فالمصحف ... ابن مسعود، أنا قلت ماذا؟ كيف ما ذكرت ابن مسعود جزاك الله خيرًا هو عبد الله ابن مسعود كما في «مصنف ابن أبي شيبة».

<<  <  ج: ص:  >  >>