وإنما عليهم أن يُحَقِّقوا أولاً نص الحديث، وثانياً تعليل النص، «من كان له إزار ورداء، فليتزر وليرتد» التعليل: «فإن الله أحق أن يُتَزَيّن له».
الشاهد: إن من قواعد الشريعة أن ما أدى إلى واجب، فهو واجب، وما أدى إلى محرم فهو محرم، فكشف الحجاج عن مناكبهم، أولاً: فيه المحظور الأول التقرب إلى الله بما لم يَشْرعه الله، والشيء الثاني: أنهم يُعَرِّضون صلاتهم للبُطْلَان لمخالفتهم لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا يصلين أحدُكم وليس عاتقيه من ثوبه شيء».
فلا بد أن بعض طلاب العلم قد يستشكل مثل هذا الحديث، وقد قرأ ذات يوم أو سمع حديث الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رجلاً قال:«يا رسول الله! أيصلي أحدنا في ثوب واحد؟ قال: أو كُلُّكم يجد ثوبين؟ ».
قد يتعارض هذا الحديث مع حديث:«لا يصلين أحدكم وليس على عاتقيه من ثوبه شيء» يتعارض في ذهن بعض الناس.
وأشكل من هذا الحديث حديث جابر بن عبد الله الأنصاري حينما رآه رجلاً يصلي وليس على عاتقيه ثوب، وإنما رآه يصلي مؤتزراً، فسأله عن ذلك: كيف تصلي بثوب واحد، وثوبك الآخر معلق على المِشْجب، والمشجب هي العمود الذي تُعَلَّق عليه الثياب، الذي تسمونه في لغة العصر الحاضر «شَمَّاعة» أحسن من الشماعة المِشْجَب، وهو الآلة التي تُعَلَّق عليها الثياب، استنكر أحد الحاضرين على جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أنه يصلي في ثوب واحد، وثوبه الآخر مُعَلَّق على المشجب، فقال: ذلك ليراني أحمق مثلك، فيظن أن الصلاة لا تَصِحُّ إلا بالثوبين.
هذا بلا شك أشكل من حديث أبو هريرة:«أو كلكم يجد الثوبين».
وهنا لا بد لإخواننا من طلاب العلم أن يتذكروا معنا طريق العلماء في التوفيق بين الأحاديث التي يبدو التعارض بينها، ولو بغالب الظن.