فإذاً: أنأخذ بقول الحنفية الذين قد امتلأت كتبهم بالأحاديث الضعيفة، بل وفيها قسم كبير من الأحاديث الموضوعة، حتى لقد أنكرها عليهم بعض علماء الحنفية أنفسهم، ممن لهم اشتغال بعلم الحديث.
فماذا نقول في هؤلاء الفقهاء حينما يقولون ذاك الحديث:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» هو حديث آحاد، وأمير المؤمنين في الحديث يقول إنه تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولذلك: فنحن نُذَكّر هذا الرجل الذي نحن في صدد الرد عليه، بأنه يجب الرجوع إلى ذوي الاختصاص في كل علم، فميله إلى الأخذ برأي الحنفية القائم على رد الحديث الصحيح، هذا ميل منه عن المنهج العلمي الصحيح: أنه يجب الرجوع في كل علم إلى أهل الاختصاص.
لكني أدري أن أهل الأهواء في كل عصر، وفي كل مصر لا يلتزمون منهجاً علمياً، ليس فقط في الحديث، بل ولا في الفقه، فترى هذا الرجل تارة حنفي المذهب، وتارةً ظاهري المشرب، وتارةً .. هكذا؛ لأنه لا يلتزم منهجاً علمياً يفرض عليه أن يمشي سوياً على صراط مستقيم.
وإنما هو ينهج منهجًا أنكره صراحةً كثير من العلماء، ومنهم علماء الحنفية بخاصة الذين ينكرون التلفيق، وهو أن يأخذ الإنسان من كل مذهب ما يناسبه أو يوافق هواه، فهو لما يرى أن في المذهب الحنفي توسعة وتسليكاً لكثير من الأنكحة التي تقع في هذا العصر الحاضر، وبخاصة في بلاد الكفر في أوروبا وأمريكا، يتزوج كثير من الشباب دون إذن أولياء النساء، فهو يريد أن يُسَلِّك هذه الحواجز بأدنى سبيل، فيجد له مخرجاً في مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة، لكنه في مسألة أخرى يجد الشباب المسلم، بل وقد عرفنا من بعض كتاباته نجده هو نفسه لا يتورع من أن يقول إنه يطيب له أن يستمع لبعض أغاني أم كلثوم.
فإذاً: هو كيف يُبَرِّر أو يُسَوِّغ لنفسه انحرافه هو، فضلاً عن كثير من الشباب المسلم الذي ابتُلي بالاستماع للأغاني، يجد هناك فسحة لا يجدها في المذاهب الأربعة