لا يجب، بينما هذا واجب عليه أن يُؤديه، فلا يقوم بهذا الواجب، بينما يقوم بالأمور بالمستحبة إن كانت مستحبة، وأحسن أحوالها أن تكون جائزة ومباحة.
فالدليل الذي حمل العلماء على أن يُخَصِّصوا الغيبة المحرمة بأمور أخرى، تُجيز الاستغابة مع أنها مكروهة عند المستغاب، نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، فالآية الكريمة تقول:{لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء: ١٤٨].
فإذاً: هذا المظلوم يجوز له أن يجهر بالقول السيئ بالنسبة للظالم.
وهناك أحاديث كثيرة جداً، استنبط منها الفقهاء ستة أجناس من الغيبة التي يصدق فيها أن المُسْتَغاب يكرهها، ولكن لا يَصْدُق فيها أنها غيبة محرمة، فقال أحد الفقهاء الشعراء:
القدح ليس بغيبة في ستة ... مُتَظَلّم ومُعَرِّف ومُحَذّر
ومجاهر فسقاً ومستفتٍ ومن طلب الإعانة في إزالة منكر
وقبل أن نستطرد كثيراً عن هذا الحديث الذي كنا فيه، فقد يتساءل بعض الحاضرين: قد فهمنا مقصود النبي - صلى الله عليه وسلم -، من قوله:«يُحِل عرضه» فماذا يعني بقوله: «وعقوبته»؟
الجواب: أن العقوبة هنا تعود إلى الحاكم، إلى القاضي الشرعي، إذا رفع المظلوم شكواه على ذلك الظالم إلى القاضي، فاستدعاه وعرف منه أنه مماطل، أي: واجد مماطل غير معسور، بل هو ميسور، فهذا يعاقبه على مماطلته وتقصيره في الوفاء بحق أخيه.