للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيس، يعني: هذا هاجر بقصد الحصول على تلك المرأة، ولم يخلص النية في الهجرة أو في الجهاد في سبيل الله عز وجل فسمي بمهاجر أم قيس.

قلت: لأن علماء الحديث يذكرون هذه المناسبة، وإن كانت هذه المناسبة لا يصح إسنادها على طريقة علماء الحديث، بخلاف أصل الحديث فهو واضح وثابت ثبوتاً يقينياً؛ لأن إسنادهم أولاً صحيح لا غبار عليه، وثانياً: لأن الأمة بأجمعها تَلَقَّت هذا الحديث بالقبول؛ حتى قال بعض العلماء كالنووي وغيره: هذا الحديث ثلث الإسلام؛ لأن الأعمال كلها تقوم على هذا الإخلاص الذي تضمن الحديث الحض عليه، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ... » إلى آخر الحديث.

ولذلك ينبغي لفت نظر هؤلاء المعلمين الذين يساعَدُون بمثل هذه المساعدات، التي تُجْمَع من كثير من المحسنين، ألاَّ يعتبروا ذلك أجراً فيُحْبَط عملهم، وإنما هذا يعتبر جُعْلاً راتباً مكافأة مساعدة إلى آخره.

ولاشك أن العمل الواحد يختلف حكمه شرعاً باختلاف النية، ولذلك فلا ينبغي للمسلم أن يستصغر هذا التفريق بين أن يأخذ هذا المال أجراً، وبين أن يأخذه تعويضاً أو مساعدة، لا ينبغي أن يستصغر هذا التفريق؛ لأنه تفريق جوهري؛ ذلك لأنه من الثابت أن العمل الواحد يختلف أمره باختلاف النية.

ومن الأدلة على ذلك: الحديث الصحيح الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للفقراء حينما شكوا أمرهم إليه، وكانوا يغبطون الأغنياء على ما يقومون به من صدقات، مع مشاركتهم للفقراء في العبادات في الصلاة والصيام، لكنهم يتفوقون عليهم بالصدقات، فأجابهم عليه السلام في القصة المعروفة بقوله: «إن لكم في كل تسبيحة صدقة، وفي كل تحميدة صدقة، وفي كل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة» هنا الشاهد. «قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدُنا شهوته وله عليها أجر؟ قال: نعم. أرأيتم إن وضعها في حرام، أليس يكون عليه وزر؟ قال: بلى. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له عليها أجر».

<<  <  ج: ص:  >  >>