للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذاً: هذا قضى شهوته وهذا قضى شهوته، ذاك قضى شهوته وكتب له عليها أجر، والآخر: قضى شهوته كتب عليه وزر.

وبناءً على هذا التفريق بين نيةٍ والأخرى في العمل الواحد، فَصَّلَ بعض العلماء الكلام على الحديث السابق: «إنما الأعمال بالنيات» فضربوا بعض الأمثلة الموضِّحة في أهمية هذا النوع من الحديث، قالوا: لو أن رجلاً سَافَرَ ثم رجع إلى بلده، ودخل دارَه، وجامع أهله، وبطبيعة الحال الرجل المسافر يكون تائقاً لزوجته، لكن تَبَيَّن له بعد بأن هذه ليست الزوجة؛ لأمرٍ ما الزوجة ذهبت عند أهلها حَلّ محلها أختها أو امرأة أخرى إلى آخره، هناك يعني: وقع في الأمر الخطأ، لكن تَبَيَّن حينما جامعها في ظنه أنها حلاله، فهذا لا إثم عليه.

يقابله مثال آخر عكس هذا تماماً: رجل متزوج لكنه غير قانع بزوجته، فخرج ذات ليلة يبتغي قضاء شهوته مع بعض النساء، فلما دخل داراً كان يعرف أن هناك مومسات، فقدمت إليه امرأة طبعاً تحت أنوار خافتة قضى شهوته منها، وإذا بها هي زوجته؛ لأنه لما خرج من الدار لقضاء شهوته في الحرام، هي بدورها أيضاً خرجت تفتش عن مثل هذه الشهوة الحرام، فالتقى بها على غير معرفة، لكن هما زوجان، لكنهما آثمان، ولو أن أحدهما قضى شهوته من زوجته، وهي بالتالي قضت شهوتها من زوجها، لكن النية كانت في الحرام، فالأول مع أنه واقع غير حلاله، فهو غير آثم، والآخر: مع أنه واقع حلاله فهو آثم، لماذا؟ لقوله عليه السلام: «إنما الأعمال بالنيات».

فإذاً: رجلان يعلمان العلم الشرعي، أحدهما: مأجور والآخر: مأزور، وكلاهما لهما راتب، فيختلفان باختلاف النية.

ولذلك في اعتقادي أنه يجب أن يقترن مع هذا المشروع لفت النظر إلى هذه الحقيقة، وإلا بتكون القضية مساعدة على عدم الإخلاص في طاعة الله عز وجل، ومن ذلك تعليم الناس، ولكي يكون القائمون على هذا المشروع قد أحاطوا بالمشروع من الناحية الشرعية من جميع جوانبه، فكما أنهم يحسنون صنعاً حينما

<<  <  ج: ص:  >  >>