ومنها حديث أبي سعيد الخدري قال: صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل فقال:«خذوا مقاعدكم» فأخذنا مقاعدنا فقال: «إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل». أخرجه د «٦٩» واللفظ له ون «٩٢» ومج «٢٣٤ - ٢٣٥» وحم «٣/ ٥» من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عنه. وهذا سند صحيح كما قال الحافظ في «التلخيص»«٣/ ٢٩».
قلت: وهو على شرط مسلم.
هذا ولم نجد لمن ذهب - وهم الجمهور - إلى أن وقت العشاء يمتد إلى صلاة الفجر إلا حديثين وليسا بنص في ذلك:
الأول: عن أبي قتادة مرفوعا: «ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى». احتج به على ما ذكرنا بعض أهل الظاهر من المتقدمين. والشوكاني المحقق من المتأخرين «١/ ١٠» ورد ذلك ابن حزم ردا قويا فقال «٣/ ١٧٨»: هذا لا يدل على ما قالوه أصلا وهم مجمعون معنا بلا خلاف من أحد من الأئمة أن وقت صلاة الفجر لا يمتد إلى وقت صلاة الظهر، فصح أن هذا الخبر لا يدل على اتصال وقت كل صلاة بوقت التي بعدها، وإنما فيه معصية من أخر صلاة إلى وقت غيرها فقط، سواء اتصل آخر وقتها بأول الثانية لها أم لم يتصل، وليس فيه أنه لا يكون مفرطا أيضا من أخرها إلى خروج وقتها وإن لم يدخل وقت أخرى، ولا أنه يكون مفرطا بل هو مسكوت عنه في هذا الخبر، ولكن بيانه في سائر الأخبار التي فيها نص على خروج وقت كل صلاة والضرورة توجب أن من تعدى بكل عمل وقته الذي حده الله تعالى لذلك العمل فقد تعدى حدود الله وقال تعالى:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
والحديث الثاني عن عائشة قالت: أعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على