وذكر ابن عبد الحكم في سيرة عمر بن عبد العزيز ص ١٦٣ أن ابنة عمر بعثت إليه بلؤلؤة وقالت له: إن رأيت أن تبعث لي بأخت لها حتى أجعلها في أذني فأرسل إليها ثم قال لها: إن استطعت أن تجعلي هاتين الجمرتين في أذنيك بعثت لك بأخت لها!
ومن الظاهر أن اللؤلؤة كانت محلاة بالذهب لأنها لا تقوم بنفسها ولا تحلى عادة إلا بها ويؤيد ذلك لفظة:«الجمرتين» فإنها مستوحاة من بعض أحاديث التحريم المتقدمة كحديث بنت هبيرة فثبت بطلان دعوى الإجماع في هذه المسألة.
دعوى نسخ الأحاديث المتقدمة وإبطالها
٢ - وادعى آخرون نسخ هذه الأحاديث المحرمة بمثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي. .. » وهو حديث صحيح بمجموع طرقه وقد ذكرها الزيعلي في نصب الراية ٤/ ٢٢٢ - ٢٢٥ ثم حققته في تخريج كتاب الحلال والحرام للأستاذ القرضاوي رقم ٧٨ وهو ادعاء باطل لأن للنسخ شروطا كثيرة معروفة عند العلماء (١) منها أن يكون الخطاب الناسخ متراخيا عن المنسوخ ومنها أن لا يمكن الجمع بينهما وهذان الشرطان منفيان هنا أما الأول فلأنه لا يعلم تأخر هذا الحديث المبيح عن أحاديث التحريم.
وأما الثاني: فلأن الجمع ممكن بسهولة بين الحديث المذكور وما في معناه وبين الأحاديث المتقدمة ذلك لأن الحديث مطلق وتلك مقيدة بالذهب الذي هو طوق أو سوار أو حلقة فهذا هو المحرم عليهن وما سوى ذلك من الذهب المقطع فهو المباح لهن وهو المراد بحديث حل الذهب لهن فهو مطلق مقيد بالأحاديث المشار إليها فلا تعارض وبالتالي فلا نسخ.