إمرأة قتيل، وكما يقال رجل جريح، يقال أيضًا إمرأة جريح، كذلك حبيب، يشمل الذكر والأنثى، فيجب الحالة هذه أحد سبيلين في فهم لفظ حبيبه في هذا الحديث. إما أن نجعله شامل للذكر والأنثى، وإما أن نفسره بما يدل عليه أولًا تمام الحديث، ثم بما تدل عليه سائر الأحاديث الأخرى.
هذا الحديث في نهايته:«وأما الفضة فالعبوا بها، فالعبوا بها، فالعبوا بها» الذين يذهبون إلى إباحة الذهب مطلقًا للنساء، ومنه الذهب المحلق، يذهبون أيضًا إلى تحريم الفضة إذا كانت كثيرة على الرجال أيضًا، فكيف يلتئم حينذاك هذا الفهم مع نهاية الحديث:«وأما الفضة فالعبوا بها، فالعبوا بها، فالعبوا بها» هذا الدليل من نفس الحديث، أن الخطاب ليس للذكور عندهم، لأنهم يقولون الفضة لايباح منها إلا الشيء القليل ويستدلون على ذلك، بحديث يأمر فيه الرسول عليه السلام باتخاذ خاتم من ورِق، إلا أنه قال:«ولاتتمه مثقالا» هذا الحديث عندي لايصح إسناده، ولكن مع ذلك هم يستدلون به على أن الخاتم إذا زاد وزنه أكثر من مثقال لايجوز، حتى ولو كان من الفضة، فإذن حينما أطلق الرسول عليه السلام في آخر الحديث:«أما الفضة فالعبوا بها»، فهذه قرينة من نفس الحديث، أن الخطاب إنما يقصد للنساء والإناث ولايقصد الذكور، لاشك أن الخطاب هنا لأولياء النساء:«من أحب أن يطوق حبيبه» الحبيب هنا إما الزوجة، وإما البنت، فحذر النبي صلى عليه وآله وسلم من تحلية النساء بالذهب المحلق، وإذا تركتا هذا الحديث جانبا، ونظرنا إلى أحاديث أخرى وردت في الباب، وجدنا أخيرًا ما يؤكد أن المقصود بهذا الاسم حبيب هو النساء، والأحاديث في ذلك كثيرة، وحسبي الآن أن أذكّر بحديث ابنة هبيرة، دخل النبي صلى عليه وآله وسلم عليها فوجد في يدها أو في إصبعها فتخًا من ذهب، وكان في يديه عليه الصلاة والسلام عصية صغيرة، عصاة فضربها على إصبعها، إنكارًا لهذا الذهب المحلق، فخرجت بنت هبيرة إلى فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبل أن أتمم الحديث، أذكر بحديث آخر، إذا قرناه إلى حديث بنت هبيرة هذا، أخذنا فائدة عظيمة جدًا، وهي أن النساء يشتركن مع الرجال في تحريم الذهب المحلق، فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في إصبع رجل من أصحابه