ومستثنى منه، والاستثناء مش عن هوى ولا عن كيف، وإنما عن ملاحظة الفائدة التي حكاها آنفاً الأخ علي عني، وضربنا على ذلك مثلاً، قلنا: ليت بعض الإذاعات أو التلفزيونات في بعض الدول العربية الإسلامية يستغلون هذا الجهاز فيعلمون المسلمين الصلاة التي جماهيرهم يسيئونها، فضلاً وبخاصة الصلاة المسنونة التي يجهلها أهل المذاهب في كتبهم فضلاً عن الذين لا يعملون بما في كتبهم من عامة المسلمين، ليت هذه التلفزيونات تعرض على المسلمين صورة مجسمة عالم يطوف حول الكعبة، يريهم المناسك كما قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة: ١٢٨] فالآن من آيات الله عز وجل أنه يرينا المناسك بطريقة التلفزيون، ليتنا في عرفات والمزدلفة والمشاعر كلها يعملون تمثيلية مشايخ فعلاً يعلمون الناس في العالم كله بطريقة التلفاز هذا، لكن لا، هذه الوسيلة التي يمكن تحويلها إلى ما يحقق بعض مصالح المسلمين أصبحت بلا شك إما أداة مفسدة أخلاقية، وإما أداة مفسدة ممكن أن ندخل فيها حتى أهل العلم، كيف؟
أنا أحب أن أظهر على الشاشة التلفزيونية من أجل العالم كله يعرفني، أنا أشقر أنا أبيض أنا فلان، أن يقال: محمد ناصر .. فهذا إهلاك لنفسي أنا، كنا في الأمس القريب نحن مجتمعين، وجاءت مناسبة ما لنا ولها الآن إلا ما قلنا، أنه في بعض الأحاديث الثناء على إنسان مغمور لا يشار إليه بالبنان، وقلنا: أنه ولو فيه الخير، لأنه يخشى أن هذه الإشارة ترديه، وترميه على أنفه، كما جاء في الحديث حديث معاذ: على مناخرهم، ترديه على منخاره وعلى أم رأسه، لماذا؟ لأن حب الظهور يقطع الظهور، فهؤلاء الذين يعرضون أنفسهم للإذاعة يخشى عليهم في الواقع، فلذلك نحن نقول: التلفاز الأصل فيه كالأصل في الصورة، لكن بعض الصور جائزة، يعني: صور الآن الهويات الشخصية، لعب السيدة عائشة هي المفتاح وهي البرهان لنا لهذا الاستثناء، ولا فرق حينذاك إن كانت الصورة صورة آلة تصوير أو آلة فيديو أو ماشابه ذلك، المهم أني راعى في ذلك الاستثناء الثابت في الشرع.