يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة.
وأريد أن أسترعي الانتباه إلى تناقض وقع فيه ابن حزم فإن قوله المذكور في الوجه الأول يستلزم أنه مسلم بثبوت تفسير الآية بما تقدم عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما وإلا لبادر إلى تضعيفه ولم يقل: لا حجة لأحد ..
ولذلك فهو في رسالته في الملاهي مخالف لذلك تمام المخالفة فإنه لم يقل - أولا - القول المذكور وثانيا: صرح بالتضعيف فقال ص ٩٧:
ما ثبت عن أحد من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة.
وهذا مناقض لتسليمه المشار إليه آنفا وهو الحق الذي لا ريب فيه كيف لا وأقوال السلف مقدمة اتفاقا على أقوال الخلف ولا سيما مع كثرة السلف وقلة الخلف فكيف وأكثر المفسرين موافق لهم كما سبق ص ١٤٤ عن تفسير الواحدي وهو كما قال القرطبي ١٤/ ٥٢:
أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء.
وسبق عن الآلوسي أنه في حكم المرفوع:
فهذا الحق ليس به خفاء ... فدعني عن بنيات الطريق
واعلم - أخي المسلم - أن مما يؤكد أو على الأقل يدل على حكمة تحريم الغناء قاعدة سد الذرائع التي كنت أشرت إليها في صدد الرد على الشيخ محمد أبي زهرة وتلميذيه محمد الغزالي ويوسف القرضاوي في المقدمة صفحة ٨ فإن الأخذ بها هنا يكفي لما يترتب - عادة - من المفاسد والمخالفات بسبب الغناء والاستماع إليه.
ثم رأيت لابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مسألة السماع كلاما جيدا متينا في تطبيق هذه القاعدة على مسألتنا هذه فما أحببت إلا أن أمتع القراء به لما فيه من