ابن عمر رضي الله عنهما ينبغي لفهم التقييد لفعله أن نستحضر حقيقة تتعلق بالحديث السابق ذكره «حفوا الشارب وأعفوا اللحى» أن ابن عمر هو أحد رواته، وهنا تأتي قاعدة فقهية كثيراً ما يُنَبِّه عليها أهل العلم في أثناء تناقشهم بعضهم مع بعض في بعض المسائل الخلافية، فيقولون:«الراوي أدرى بمرويه من غيره» وهذا كلام سليم، مستقى من بعض النصوص الحديثية، كمثل قوله عليه السلام:«الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» وهذا الحديث له رواية أخرى: «ليس الخبر كالمعاينة»
وسبب هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكى قصة موسى عليه السلام مع أخيه هارون من جهة، وقومه من جهة أخرى، أنه لما ذهب إلى مناجاة ربه تبارك وتعالى، وخَلَّفَ أخاه على اليهود وعلى بني إسرائيل، فاتخذوا من بعده عجلاً جسداً له خوار، فلما رجع موسى وأخبره بالخبر، ما أخذته الغيرة الدينية إلا لما شاهد، فلما شاهد قال عليه السلام:«ليس الخبر كالمعاينة».
وهذه الحقيقة، يعني بديهية فطرية معروفة عند الناس بالعمل والتجربة، إذا الأمر كذلك، فابن عمر كما نعلم جميعاً عاش مع الرسول عليه السلام سنين وهو سمع منه هذا الحديث.
ففي اعتقادي أن ابن عمر إذا كان يعلم بالمشاهدة منه عليه الصلاة والسلام أنه لا يأخذ منها مطلقاً، مستحيل ابن عمر أن يأخذ منها شَعْرةً، لما عُرِف عنه من أنه كان أكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حرصاً على الاقتداء به، حتى في بعض الأمور التي قد تُسْتَنْكَر عليه من غيره؛ وأظن هذا معروف لديكم.
فإذا كان هذا الصحابي الجليل - الذي ترجمته بعضها ذكرناه آنفاً - كان أحرص الأصحاب على الاقتداء بالرسول عليه السلام، فلو لم يره هو، أو لم يسمع منه على الأقل شيئاً يفسح له مجال للأخذ، ما كان ليفعل ذلك أبداً؛ واضح إلى هنا؟ فإذا أنضم إلى ذلك أن بعض السلف كأبي هريرة وإبراهيم النخعي وو ... إلى آخره، كانوا يفعلون -أيضاً- يأخذون من لحيتهم، ثم انضم إلى ذلك أن الذين لا أقول أنا