الاستدلال به يشمل جزءًا جرى عليه العمل أو لم يجرِ عليه العمل، على ضوء ذلك ينبغي أن نحتج بالعموم؛ أو أن لا نحتج بالعموم المثال الذي هو الآن بين أيدينا، ونستطيع أن نأتي بأمثله أخرى بعضها من واقع حياتنا اليوم، وبعضها نُمَثِّلُ بها تمثيلاً لتوضيح هذه القاعدة.
المثال بين أيدينا: الأمر عام «حُفُّوا الشارب وأعفوا اللحى» يراد الاستدلال بأنه لا يجوز الأخذ مطلقاً، لكن الحياة العملية دَلَّتنا أنه أُخِذَ؛ إذاً: ما نأخذ بهذا العموم لأنه ثبت عملياً خلافه، وهو الأخذ.
أحياناً يكون الأمر معكوساً تماماً، يراد الاستدلال بالأمر العام على شرعية عبادة ما، وهذه العبادة لم تُنْقل إلينا من أهل العبادة الأولين، حينئذٍ لا يصح الاستدلال بالعموم، وإلا أقررنا المبتدعين على بدعهم كُلِّهَا، لأن أي بدعة على وجه الأرض -وبخاصة- إذا كانت منقسمة إلى ما يسميه الإمام الشاطبي بالبدعة الإضافية، لا يمكن إلا أن يكون لهذه البدعة دليل في الكتاب أو في السنة، مع ذلك نحن نقول هذه بدعة.
والآن نأتيكم بمثال عملي وآخر أنا أتخيله من أجل تفهيم هذه القاعدة، أنتم تعرفوا وقد حججتم واعتمرتم مراراً، أن هناك كثيراً من المصلين، و-هنا أيضاً- نراهم الآن يضعون اليد اليمنى على اليسرى بعد رفع الرأس من الركوع، واضح هذا القبض بعد الركوع، يفعله مشايخ لهم وزنهم في العلم، ما هو دليلهم؟ النص العام، ليس عندهم أبداً حديث أن الرسول عليه السلام كان إذا رفع رأسه من الركوع وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، ليس هناك حديث أبداً، ولكن هناك حديث عام:«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى» قالوا «قام» في الصلاة، يشمل القيام الأول والثاني، أي القيام الذي بعد الركوع، هذا استدلال بالنص العام، كذلك -مثلاً- أحاديث أخرى أنه «أمرنا معشر الأنبياء بثلاث، منها: بوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة».
قالوا: هذا مطلق فيشمل: القيام الأول، والقيام الثاني بعد الركوع.