وإسناده صحيح كما قال النووي: ورواه النسائي عن وكيع أيضا مختصرا بلفظ: فأذن فجعل يقول في أذانه هكذا ينحرف يمينا وشمالا.
والبخاري والدارمي عن محمد بن يوسف: ثنا سفيان به بلفظ: أنه رأى بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا بالأذان.
وكذا رواه النسائي أيضا عن إسحاق الأزرق عن سفيان.
قال النووي:«مذهبنا أنه يستحب الالتفات في الحيعلة يمينا وشمالا ولا يدور ولا يستدبر القبلة سواء كان على الأرض أو على منارة، وبه قال النخعي والثوري والأوزاعي وأبو ثور، وهو رواية عن أحمد، وقال ابن سيرين: يكره الالتفات وقال مالك: لا يدور ولا يلتفت إلا أن يريد إسماع الناس وقال أبو حنيفة وإسحاق وأحمد في رواية: يلتفت ولا يدور إلا أن يكون على منارة فيدور.
واحتج لمن قال يدور بحديث الحجاج بن أرطأة عن عوف بن أبي جحيفة عن أبي جحيفة قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح فخرج بلال فأذن فاستدار في أذانه. رواه ابن ماجه والبيهقي.
واحتج أصحابنا بالحديث الصحيح السابق أنه لم يستدر وأما حديث الحجاج فجوابه من أوجه: أحدها: أنه ضعيف لأن الحجاج ضعيف ومدلس والضعيف لا يحتج به والمدلس إذا قال: عن لا يحتج به لو كان عدلا ضابطا والجواب الثاني: أنه مخالف لرواية الثقات عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه فوجب رده الثالث: أن الاستدارة تحمل على الالتفات جمعا بين الروايات».
وأقول: هذا الجواب الأخير هو الذي يجب المصير إليه أما الأول والثاني فضعيف لثبوت الاستدارة من طرق وقد سبق بيانها قريبا.
واختلف: هل يستدير في الحيعلتين الأوليين مرة وفي الثانية مرة أو يقول: حي على الصلاة عن يمينه ثم حي على الفلاح عن شماله وكذا الأخرى؟
قال ابن دقيق العيد:«ويرجح الثاني لأنه يكون لكل جهة نصيب منهما». قال: