للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ تَوَفُّرِ الزَّوَاجِرِ أَغْلَظُ (١) . وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْعِفَّةِ فِي إِحْصَانِ الْقَذْفِ فَلأَِنَّ غَيْرَ الْعَفِيفِ لاَ يَلْحَقُهُ الْعَارُ بِنِسْبَتِهِ إِلَى الزِّنَا؛ لأَِنَّ تَحْصِيل الْحَاصِل مُحَالٌ. وَلَوْ لَحِقَهُ عَارٌ آخَرُ فَهُوَ صِدْقٌ، وَحَدُّ الْقَذْفِ لِلْفِرْيَةِ لاَ لِلصِّدْقِ (٢) .

شُرُوطُ إِحْصَانِ الرَّجْمِ:

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى بَعْضِ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ فِي جَرِيمَةِ الزِّنَا، وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَعْضِ الآْخَرِ فَمِنَ الشُّرُوطِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا:

أَوَّلاً وَثَانِيًا: الْبُلُوغُ وَالْعَقْل: وَهُمَا شَرْطَانِ لأَِصْل التَّكْلِيفِ، فَيَجِبُ تَوَفُّرُهُمَا فِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الْمُحْصَنِ وَقْتَ ارْتِكَابِ الْجَرِيمَةِ، فَالْوَطْءُ الَّذِي يُحْصِنُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ فَإِذَا حَصَل الْوَطْءُ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَقَل بَعْدَ الْوَطْءِ لَمْ يَكُنْ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ مُحْصَنًا. وَإِذَا زَنَى عُوقِبَ بِالْجَلْدِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ (٣) .

وَخَالَفَ فِي هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ فِي الْمَذْهَبِ، فَقَالُوا: إِنَّ الْوَاطِئَ يَصِيرُ مُحْصَنًا بِالْوَطْءِ قَبْل الْبُلُوغِ وَأَثْنَاءِ الْجُنُونِ. وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْوَطْءَ وَطْءٌ مُبَاحٌ، فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ الإِْحْصَانُ،


(١) فتح القدير ٤ / ١٩٣
(٢) الدسوقي ٤ / ٣٢٦، والمغني ١٠ / ٢٠٢، وابن عابدين ٣ / ١٦٨، والمهذب ٢ / ٢٧٣
(٣) شرح فتح القدير ٤ / ١٣٠، والمغني ٩ / ٣٩ الناشر مكتبة القاهرة، والمهذب ٢ / ٢٦٧، والدسوقي ٤ / ٣٢٠، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٤٩، والشرح الصغير ٤ / ١٥٧ والخرشي ٨ / ٨١