للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّعْرِيفُ بِالْمَوْسُوعَةِ الْفِقْهِيَّةِ

تَطْوِيرُ عَرْضِ الْفِقْهِ وَ (التَّدْوِينُ الْجَمَاعِيُّ) :

٤٥ - لَقَدْ مَرَّ الْفِقْهُ الإِْسْلاَمِيُّ فِي رِحْلَةِ تَدْوِينِهِ بِأَطْوَارٍ مُخْتَلِفَةٍ تُشْبِهُ أَطْوَارَ تَكْوِينِهِ، وَلاَ يَتَّسِعُ الْمَجَال لأَِكْثَرَ مِنْ الإِْشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ بَدَأَ مُمْتَزِجًا بِالسُّنَّةِ وَالآْثَارِ، ثُمَّ ظَهَرَ فِي صُورَةِ الأَْمَالِي وَالْمَسَائِل وَالْجَوَامِعِ الْمُهْتَمَّةِ بِالصُّوَرِ وَالْفُرُوعِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَبَادِئِ، ثُمَّ تَلاَ ذَلِكَ تَأْلِيفُ الْمُدَوَّنَاتِ وَأُمَّهَاتِ الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ الَّتِي حُفِظَتْ بِهَا الْمَذَاهِبُ مِنْ الاِنْدِثَارِ، وَقَدْ آل التَّصْنِيفُ فِي الْفِقْهِ بَعْدَئِذٍ إِلَى عَرْضِهِ بِأُسْلُوبٍ عِلْمِيٍّ شَدِيدِ التَّرْكِيزِ، مُتَفَاوِتِ التَّرْتِيبِ، مُسْتَغْلِقِ الْعِبَارَةِ لِغَيْرِ الْمُتَمَرِّسِ، وَظَهَرَتْ (الْمُتُونُ) الَّتِي اسْتَلْزَمَ إِيضَاحُهَا وَضْعَ (الشُّرُوحِ) وَتَعْلِيقَ (الْحَوَاشِي) عَلَى نَمَطٍ صَعْبٍ لاَ تَكْمُل الْفَائِدَةُ مِنْهُ إِلاَّ لِلْمُتَخَصِّصِ، بَل رُبَّمَا تَنْحَصِرُ خِبْرَةُ الْفَرْدِ بِمَذْهَبٍ دُونَ آخَرَ لِمَا تَعَارَفَ عَلَيْهِ أَهْل كُل مَذْهَبٍ فِي دِرَاسَتِهِ وَالإِْفْتَاءِ بِهِ وَالتَّأْلِيفِ فِيهِ، مِنْ أُصُولٍ وَرُمُوزٍ وَاصْطِلاَحَاتٍ، بَعْضُهَا مُدَوَّنٌ فِي مَوَاطِنَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَبَعْضُهَا لاَ يُدْرَكُ إِلاَّ بِالتَّلْقِينِ وَالتَّوْقِيفِ عَلَيْهِ.

وَالْغَرَضُ هُنَا الإِْشَارَةُ إِلَى ظُهُورِ بَعْضِ الْمُؤَلَّفَاتِ الْمُطَوَّرَةِ فِي عَرْضِ الْفِقْهِ تُشْبِهُ الْمَوْسُوعَةَ - إِذَا غُضَّ النَّظَرُ عَنْ قَضِيَّةِ التَّرْتِيبِ، عَلَى أَهَمِّيَّتِهَا - لاِشْتِمَالِهَا عَلَى بَعْضِ خَصَائِصِ الْكِتَابَةِ الْمَوْسُوعِيَّةِ كَالشُّمُول وَإِطْلاَقِ الْبَحْثِ عَنْ التَّقَيُّدِ بِإِيضَاحِ كِتَابٍ، أَوْ مَنْهَجِ تَدْرِيسٍ، أَوْ طَاقَةِ الْفَرْدِ الْعَادِيِّ. . . وَالأَْمْثِلَةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ فِي الْكُتُبِ الَّتِي تَجْمَعُ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمُؤَلَّفَاتِ، وَتُعْنَى بِمَا كَانَ يُسَمَّى: عِلْمَ الْخِلاَفِ (مُقَارَنَةُ الْمَذَاهِبِ) وَتُجْرَى عَلَى أُسْلُوبِ الْبَسْطِ وَالاِسْتِيفَاءِ لِكُل مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ بِحَسَبِ تَقْدِيرِ الْمُؤَلِّفِ. . لَكِنَّ تِلْكَ الأَْشْبَاهَ الْمَوْسُوعِيَّةَ كَانَتْ جُهُودًا فَرْدِيَّةً (أَوْ شِبْهَ فَرْدِيَّةٍ حِينَ تَخْتَرِمُ الْمَنِيَّةُ الْمُؤَلِّفَ فَيَأْتِيَ مَنْ