للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِاشْتِرَاطِ إِخْرَاجِ مَا كَانَ مِنَ الرَّقِيقِ أَوِ الدَّوَابِّ فِي الْبُسْتَانِ الْكَبِيرِ إِذْ لِلْعَامِل انْتِفَاعُهُ بِالْمَوْجُودِ مِنْهَا فِيهِ، وَإِنَّ الْمُفْسِدَ أَيْضًا: اشْتِرَاطُ تَجْدِيدِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا مِنْهَا وَقْتَ الْعَقْدِ، عَلَى الْمَالِكِ أَوِ الْعَامِل (١) .

بَل اسْتَثْنَى فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الثَّلاَثَةِ - كَمَا سَبَقَ - جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْعَامِل مُعَاوَنَةَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَالِكُ مَنْفَعَتَهُ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا بِالرُّؤْيَةِ أَوِ الْوَصْفِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الْمُفْسِدَ اشْتِرَاطُ أَكْثَرِ الْعَمَل عَلَى الْمَالِكِ (٢) .

٣٧ - ثَالِثًا: أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِل عَمَلاً يَبْقَى أَثَرُهُ وَمَنْفَعَتُهُ بَعْدَ أَنْ يُونِعَ الثَّمَرُ، وَتَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ، كَنَصْبِ الْعَرَائِشِ، وَغَرْسِ الأَْشْجَارِ، وَبِنَاءِ الْجُدْرَانِ، وَتَشْيِيدِ الْبُيُوتِ لِحِفْظِ الثِّمَارِ، وَتَسْوِيرِ الْحَدَائِقِ، وَاسْتِحْدَاثِ حَفْرِيَّاتٍ مَائِيَّةٍ، فَهَذَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.

وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: لأَِنَّهُ شَرْطٌ لاَ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ (٣) ، كَمَا عَلَّلَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: لأَِنَّهُ اسْتِئْجَارٌ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ، وَأَنَّهُ اشْتِرَاطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ، وَلأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعَمَل فِي الشَّجَرِ فِي شَيْءٍ (٤) ، وَقَالُوا: لأَِنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ.


(١) الشرح الكبير مع الدسوقي ٣ / ٥٤٠.
(٢) المغني ٥ / ٥٦٦ - ٥٦٧.
(٣) المبسوط ٢٣ / ٨٠ - ٨١.
(٤) مغني المحتاج ٢ / ٣٢٧.