للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ:

١١ - الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: هُوَ الْمَاءُ الْقَلِيل الْمُسْتَعْمَل فِي فَرْضِ الطَّهَارَةِ عَنْ حَدَثٍ كَالْغَسْلَةِ الأُْولَى فِيهِ، أَوْ فِي إِزَالَةِ نَجَسٍ عَنِ الْبَدَنِ أَوِ الثَّوْبِ، أَمَّا نَفْل الطَّهَارَةِ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ فَالأَْصَحُّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ طَهُورٌ (١) .

وَيُفَرِّقُ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الْقَلِيل الَّذِي لاَ يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ، وَبَيْنَ الْكَثِيرِ الَّذِي يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ.

فَيَرَوْنَ فِي الْمَذْهَبِ الْجَدِيدِ: أَنَّ الْقَلِيل مِنَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَل طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ، فَلاَ يَرْفَعُ حَدَثًا وَلاَ يُزِيل نَجَسًا لأَِنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا لاَ يَحْتَرِزُونَ عَنْهُ وَلاَ عَمَّا يَتَقَاطَرُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ.

فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: جَاءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لاَ أَعْقِل فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَعَقَلْتُ (٢) .

وَلأَِنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ - مَعَ قِلَّةِ مِيَاهِهِمْ - لَمْ يَجْمَعُوا الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَل لِلاِسْتِعْمَال ثَانِيًا بَل انْتَقَلُوا إِلَى التَّيَمُّمِ، كَمَا لَمْ يَجْمَعُوهُ لِلشُّرْبِ لأَِنَّهُ مُسْتَقْذَرٌ.


(١) المهذب ١ / ٨.
(٢) حديث جابر: " جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١ / ٣٠١) ، ومسلم (٣ / ١٢٣٥) .