للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ مَا يَتَأَتَّى تَطْهِيرُهُ بِالْغَلْيِ - كَالزَّيْتِ - يَطْهُرُ بِهِ كَالْجَامِدِ، وَطَرِيقَةُ ذَلِكَ: جَعْلُهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ يُخَاضُ فِيهِ، حَتَّى يُصِيبَ الْمَاءُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَعْلُوَ عَلَى الْمَاءِ، فَيُؤْخَذُ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَطْهُرُ غَيْرُ الْمَاءِ مِنَ الْمَائِعَاتِ بِالتَّطْهِيرِ فِي قَوْل الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، قَال ابْنُ عَقِيلٍ: إِلاَّ الزِّئْبَقَ، فَإِنَّهُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ. وَاسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل عَنِ السَّمْنِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ، فَقَال: إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلاَ تَقْرَبُوهُ، وَلَوْ كَانَ إِلَى تَطْهِيرِهِ طَرِيقٌ لَمْ يَأْمُرْ بِإِرَاقَتِهِ (١) .

تَطْهِيرُ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ:

١٦ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ تَطْهِيرَ الْمِيَاهِ النَّجِسَةِ يَكُونُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَمُكَاثَرَتِهَا حَتَّى يَزُول التَّغَيُّرُ.

وَلَوْ زَال التَّغَيُّرُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلاَنِ، قِيل: إِنَّ الْمَاءَ يَعُودُ طَهُورًا، وَقِيل: بِاسْتِمْرَارِ نَجَاسَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الأَْرْجَحُ.


(١) حاشية ابن عابدين (١ / ٢٢٢) ، فتح القدير ١ / ١٤٧، الشرح الكبير ١ / ٥٨، ٥٩، المهذب ١ / ٥٦، ٥٧ المغني لابن قدامة ١ / ٣٧.