للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمْ يَتَّفِقِ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا، بَل بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِهَا اخْتِلاَفٌ بَيَانُهُ كَمَا يَلِي:

أ - الاِلْتِزَامُ:

٩ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ: أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا، فَلاَ يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ، وَلاَ الْمُعَاهَدُ، وَلاَ الْمُسْتَأْمَنُ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْل أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ (٢) } وَهَؤُلاَءِ تُقْبَل تَوْبَتُهُمْ قَبْل الْقُدْرَةِ، وَبَعْدَهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ (٣) } وَلِخَبَرِ: الإِِْسْلاَمُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ (٤) . وَلَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَقَدِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ فَلَهُ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا.

وَظَاهِرُ عِبَارَةِ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمُسْلِمِ فِي أَحْكَامِ الْحِرَابَةِ. وَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُ


(١) ابن عابدين ٣ / ١١٢، وروض الطالب ٤ / ١٥٤، وروضة الطالبين ١٠ / ١٥٤، وكشاف القناع ٦ / ١٤٦، وبداية المجتهد ٢ / ٤٩١، والمدونة ٦ / ٢٦٨.
(٢) سورة المائدة / ٣٤.
(٣) سورة الأنفال / ٣٨.
(٤) حديث: " الإسلام يجب ما كان قبله " أخرجه أحمد (٤ / ١٩٩ - ط الميمنية) من حديث عمرو بن العاص. وأورده الهيثمي في المجمع (٩ / ٣٥١ - ط القدسي) وقال: " رجاله ثقات ".