للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَانِيًا: نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْغَائِبِ بَعْدَ الدُّخُول:

٢٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ إِنْ كَانَ غَائِبًا.

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ فِي مَالِهِ، حَاضِرًا كَانَ الْمَال أَوْ غَائِبًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِفَرْضِ الْقَاضِي لِلنَّفَقَةِ إِذَا طَلَبَتِ الزَّوْجَةُ أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ (١) . لِمَا وَرَدَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (٢) وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضًا لِلنَّفَقَةِ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَ غَائِبًا.

وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلاَنِ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَائِبِ:

الأَْوَّل: هُوَ أَنْ يَفْرِضَ الْقَاضِي لِلزَّوْجَةِ نَفَقَةً عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ بِشَرْطِ طَلَبِهَا، لأَِنَّ الْمَانِعَ مِنَ الزَّوْجِ، فَلاَ تُمْنَعُ النَّفَقَةُ عَنِ الزَّوْجَةِ، وَبِهِ قَال أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلاً وَهُوَ قَوْل النَّخَعِيِّ لِحَدِيثِ هِنْدَ السَّابِقِ.

وَالْقَوْل الثَّانِي: لاَ يَفْرِضُ لَهَا النَّفَقَةَ وَلَوْ طَلَبَتْ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالزَّوْجِيَّةِ لأَِنَّ


(١) شرح الخرشي ٤ / ١٩٩، والتاج والإكليل ٤ / ٢٠٠، ومغني المحتاج ٣ / ٤٣٦، وكشاف القناع ٥ / ٤٧١.
(٢) حديث: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " سبق تخريجه ف ٨.