للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دُخُول الذِّمِّيِّ الْمَسْجِدَ

٤٠ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِدُخُول الذِّمِّيِّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَل وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانُوا كُفَّارًا وَقَال: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الأَْرْضِ مِنْ أَنْجَاسِ النَّاسِ شَيْءٌ إِنَّمَا أَنْجَاسُ النَّاسِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ (١) ، وَتَأْوِيل الآْيَةِ أَنَّهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ مُسْتَوْلِينَ أَوْ طَائِفِينَ عُرَاةً كَمَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ (٢) .

وَمَنَعَ الْمَالِكِيَّةُ دُخُول الذِّمِّيِّ الْمَسْجِدَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي الدُّخُول مَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ لِدُخُولِهِ كَعِمَارَةِ وَإِلاَّ فَلاَ (٣) .

وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: يُمَكَّنُ الْكَافِرُ مِنْ دُخُول الْمَسْجِدِ وَاللُّبْثِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا، فَإِنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَدْخُلُونَ مَسْجِدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ شَكَّ أَنَّ فِيهِمُ الْجُنُبَ.

وَأَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْكَافِرِ أَنْ يَدْخُل مَسَاجِدَ غَيْرَ الْحَرَمِ بِإِذْنِ الْمُسْلِمِ، فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْلِمُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الدُّخُول عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ دَخَل بِغَيْرِ إِذْنٍ عُزِّرَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ جَاهِلاً بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الإِْذْنِ فَلاَ يُعَزَّرُ (٤) .


(١) حديث: " إنه ليس على الأرض. . . ". أخرجه البخاري في " شرح معاني الآثار " (١ / ١٣) من حديث الحسن البصري مرسلاً.
(٢) الاختيار شرح المختار ٣ / ١٢١.
(٣) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه ١ / ١٣٩، وجواهر الإكليل ١ / ٢٣، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٢ / ٧٨.
(٤) إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي ٣١٨ - ٣٢٠.