للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ لَمْ يَبْذُل فَلِلْمُضْطَرِّ أَخْذُهُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ دُونَ مَالِكِهِ، فَجَازَ لَهُ أَخْذُهُ كَغَيْرِ مَالِهِ، فَإِنِ احْتِيجَ فِي ذَلِكَ إِلَى قِتَالٍ فَلَهُ الْمُقَاتَلَةُ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُتِل الْمُضْطَرُّ فَهُوَ شَهِيدٌ وَعَلَى قَاتِلِهِ ضَمَانُهُ، وَإِنْ آل أَخْذُهُ إِلَى قَتْل صَاحِبِهِ فَهُوَ هَدْرٌ، لأَِنَّهُ ظَالِمٌ بِقِتَالِهِ فَأَشْبَهَ الصَّائِل، إِلاَّ أَنْ يُمْكِنَ أَخْذُهُ بِشِرَاءٍ أَوِ اسْتِرْضَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ الْمُقَاتَلَةُ عَلَيْهِ، لإِِمْكَانِ الْوُصُول إِلَيْهِ دُونَهَا (١) .

وَلِلْفُقَهَاءِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ فِي أَثَرِ الاِضْطِرَارِ فِي إِبْطَال حَقِّ الْغَيْرِ يُنْظَرُ فِي: (إِتْلاَفٌ، وَضَمَانٌ) .

إِتْلاَفُ مَال الْغَيْرِ لِضَرُورَةِ إِنْقَاذِ السَّفِينَةِ:

إِذَا أَشْرَفَتِ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ جَازَ إِلْقَاءُ بَعْضِ أَمْتِعَتِهَا فِي الْبَحْرِ، وَيَجِبُ الإِْلْقَاءُ رَجَاءَ نَجَاةِ الرَّاكِبِينَ إِذَا خِيفَ الْهَلاَكُ، وَيَجِبُ إِلْقَاءُ مَا لاَ رُوحَ فِيهِ، لِتَخْلِيصِ ذِي الرُّوحِ، وَلاَ يَجُوزُ إِلْقَاءُ الدَّوَابِّ إِذَا أَمْكَنَ دَفْعُ الْغَرَقِ بِغَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَإِذَا مَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى إِلْقَاءِ الدَّوَابِّ أُلْقِيَتْ لإِِنْقَاذِ الآْدَمِيِّينَ، وَالْعَبِيدُ فِي ذَلِكَ كَالأَْحْرَارِ، وَلاَ سَبِيل لِطَرْحِ الآْدَمِيِّ بِحَالٍ


(١) المغني ٨ / ٦٠٢، والمبسوط ٢٤ / ٧٣، والفروق للقرافي ١ / ١٩٦، ومغني المحتاج ٤ / ٣٠٨.